adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/06/25 - 11:01 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست

مع كل أسف الدنيا، ومع قليل من ملح السخرية وكثير من فلفل الواقع، ها نحن نعود مجددًا إلى "العرق الرياضي النقي" كما تراه بعض القنوات العربية الشقيقة، التي لم تفهم بعد أن العالم تغير، والجمهور لم يعد يبلع التعليب الهوياتي كما في الماضي.

فها هو نادي الوداد البيضاوي، الذي حمل راية المغرب بشرف في كأس العالم للأندية، يُقصى إعلاميًا قبل أن يُقصى ميدانيًا. لا تقرير، لا تغطية محترمة، لا حديث عن المشوار، وكأن الفريق حضر البطولة متسللًا من الشباك لا مدعوًا عبر بوابة الأبطال. السبب؟ ببساطة لأن الوداد لم يكن هذه المرة "العربي" الذي يصيحون باسمه من الخليج إلى المحيط، بل مجرد فريق مغربي لا يُناسب مزاجهم الإعلامي ولا أولوياتهم الجغرافية.

العجيب أن هذه القنوات نفسها، عندما يفوز فريق مغربي أو يتألق، تُخرج لنا علب الاحتفاء القومي وتبدأ بـ"الفريق العربي البطل"، و"الأسود العرب"، و"الإنجاز العربي التاريخي"، تمامًا كما فعلوا مع المنتخب المغربي في مونديال قطر، حيث أصبح كل فوز مغربي إنجازًا عربيًا، وكل تصريح من وليد الركراكي رسالة قومية، وكل رقصة سفيان بوفال مع والدته "تجسيدًا للعروبة العائلية".

لكن، ما إن يخسر الفريق أو ينطفئ البريق، حتى يتبخّر كل هذا الدفء، ويعود الإعلام ليتذكر أننا مستعربون فقط، أو كما يقولون بلسانهم دون أن يرف لهم جفن: "إخواننا المغاربة الأمازيغ"، أي من باب المجاملة لا الانتماء.

إخوتنا في القرب... لا في القلب!

خذ مثلاً تغطيتهم الدائمة للأهلي المصري. مهما حدث، الأهلي حاضر. خسر؟ هو البطل المهزوم. فاز؟ هو البطل التاريخي. تعادل؟ هو الذي سيعود أقوى! أما الوداد، فيحتاج الفوز بكأس العالم والبطولة الإفريقية والليغا الإسبانية حتى تحظى تغطيته بعشرة ثوانٍ في موجز الرياضة.

وبالطبع، لا ننسى أن هذه الممارسات لا تنعكس فقط على الأندية، بل على الشعوب والهويات، حيث يُعامل المغاربة كعرب من الدرجة الثانية، إن لم نقل "في فترة تجريبية"، ما داموا لم يثبتوا ولاءهم الكامل لهوية يراد فرضها عليهم من الشاشات، لا من الواقع.

نترك التعليق للمستعربين... والمتحولين هوياتيًا

نعم، أولئك الذين يسارعون إلى تصحيحك كلما قلت إنك أمازيغي، فيذكّرونك بأنك "عربي ومسلم وأخونا في العروبة والإسلام". لكنهم، وللمفارقة، يصمتون فجأة حين يتم تهميش فريق مغربي على الهواء مباشرة، أو حين يُنسى المغرب من "الأسرة العربية الكروية"، أو حين تُمسح هوية الوداد بجرة تغطية إعلامية لم تتجاوز حدود القاهرة.

لهؤلاء نقول: الوداد كان سيمر عبر قنواتكم لو كان اسمه "الهلال العربي" أو "الفرسان الخليجيين"، لكنه نادٍ مغربي الهوى، أمازيغي الجذور، وله جمهور لا يطلب التزكية من أحد، ولا يحتاج شهادة انتماء.

وفي الختام... شكون غادي إفهمك؟

ربما لا أحد سيفهم هذا. لأننا ببساطة نعيش في جغرافيا إعلامية تؤمن بأن "الهوية" تُمنح حسب مزاج البث، وأن الفريق يصبح عربيًا إذا فاز، ويعود لمغربه إذا خسر.

لكننا نُصرّ على القول: نحن مغاربة، أمازيغ وعرب، وهويتنا لا تحتاج مذيعًا ليُعرّفها، ولا قناة لتُباركها.

وحتى إن لم يفهمونا... فنحن نفهم أنفسنا جيدًا. والوداد كبير، وإن همّشته قنواتهم، فله جمهور لن يسكت، وشرف لا يُوزّع في استوديوهات النفاق الرياضي.