adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/06/29 - 11:23 ص

بقلم الأستاذ حميد طولست

في حدث صار "عادياً" في عُرف الإعلام العربي الصامت، قصفت ميليشيات "البوليساريو" المدعومة من إيران، محيط مدينة السمارة المغربية بأربعة مقذوفات، أكدت البحوث التقنية أن مصدرها إيراني بامتياز. لا خسائر بشرية لحسن الحظ، لكن الخسارة الكبرى لم تكن في الأرواح، بل في "الأصوات" التي اختارت الصمت، بعدما كانت بالأمس القريب تُقيم الدنيا ولا تُقعدها تضامناً مع طهران ضد ما وصفته بـ"العدوان الصهيوني".

نفس "الكوفيين"، أصحاب المواقف المنتقاة بعناية، بلعوا ألسنتهم عندما استُهدف بلدهم – نعم، المغرب، إن كانوا يعتبرونه فعلاً وطناً لهم – بأسلحة إيرانية. لم نرَ تغريدة، ولا تدوينة، ولا حتى "إيماءة غاضبة". لم نرَ وقفات احتجاجية ولا خطابات مشتعلة. لا شجب، لا تنديد، لا قلق. وكأن الأمر وقع في كوكب آخر، لا على أرض وطنهم الذي يقتاتون من خيراته وينكرونه في أول اختبار.

الغرابة لا تكمن فقط في القصف، بل في ميزان الكيل بمكيالين. الكوفيّ لا يرفع صوته إلا حين يتعلّق الأمر بالمغرب، لكن حين يُصبح الريال في الميزان، فالسكوت من ذهب… أو من ريالات. أما حين تمطر السماء المغربية بأسلحة إيرانية، فإن "التحليل الاستراتيجي" يتبخر، وتصبح "الممانعة" مجرد شماعة.

هذا السلوك المزدوج لا يعكس فقط النفاق السياسي، بل يفضح انعدام الوطنية لدى من يرفعون رايات الغير ويهاجمون بلدهم تحت مسميات وذرائع واهية. فالمعادلة واضحة: من يمجّد أعداء المغرب، هو عدو للمغرب. ومن يصمت عن عدوان خارجي، ويسبّ بلده في كل محفل، لا يمكن أن يُدرج إلا في خانة خونة الداخل.

الغريب – والمُضحك في آن – أن هؤلاء أنفسهم هم من كانوا قد ملأوا الدنيا صراخاً بسبب إشاعة قطرية عن باخرة في ميناء طنجة. أما الآن؟ فلا تغريدة من "بن إيران"، ولا تعليق من المهداوي "الخبير النووي"، ولا كلمة من كبير الكوفيين ويحمان وغلمانه، الذين لا يُخطئون مناسبة لمهاجمة بلدهم، إلا حين تأتي الصواريخ من حلفائهم.

المملكة المغربية – ولله الحمد – لا تهتز لمثل هذه التحركات البائسة. لكنها تسجل. تسجل كل موقف، وكل صمت، وكل تغريدة متأخرة. والرد لن يكون بالصوت العالي فقط، بل بما يليق بإمبراطورية عريقة تعرف من أين تُؤكل الكتف، وتحفظ خط الرجعة لمن أضاع البوصلة.

فلتبقَ الكوفية رمزاً لمن لا وطن له، ولتُرفع راية "الله، الوطن، الملك" فوق كل ولاء آخر. نحن في المغرب لا نخاف من الطبول الفارغة، ولا نخشَ "محور إيران والإخوان"، بل نواجههم بثقة وتاريخ وسيف مشرّف.

عاش الملك، عاش الوطن، ولمن يطلب الحرب... نحن لها.