adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/06/24 - 12:03 م

حميد طولست

بعيدًا عن ضجيج العاطفة وأوهام الانتصار، فإن ما جرى مؤخرًا من استهداف إيراني لما قيل إنها "ضربة تأديبية" لقاعدة أمريكية في قطر، لا يتعدى كونه فصلًا جديدًا من مسرحية مكررة، هذه المرة بأدوار مختلفة وبجمهور أكثر انكشافًا من أي وقت مضى. فهل حققت إيران فعلاً شيئًا من هذه الضربة؟ أم أنها مجرد "تبوريدة إعلامية" لحفظ ماء الوجه، وتهيئة الرأي العام الإيراني والإقليمي لقبول تهدئة جديدة مع واشنطن وتل أبيب؟

لو أردنا التقييم بميزان الأفعال لا الأقوال، فالحصيلة واضحة: إسرائيل نجحت في تحقيق مكاسب نوعية، أبرزها تقويض المشروع النووي الإيراني عبر ضربات دقيقة، واغتيال علماء ومسؤولين عسكريين كبار داخل العمق الإيراني، من دون أن تواجه أي رد مؤلم. أما إيران، فلم تُظهر إلا ردات فعل استعراضية، آخرها "الضربة" التي استهدفت قاعدة العديد في قطر، حيث الجنود الأمريكيون على علم مسبق بالهجوم – حسب نيويورك تايمز – وتم إجلاؤهم قبل أن يسقط حجر واحد.

أي انتقام هذا الذي يُنسّق مسبقًا مع الدولة المستضيفة؟ أية مقاومة هذه التي تُعلّب في بيانات حربية وتُصدّر للغوغاء وكأنها نصر مبين؟ إنه مشهد هزلي من مسرحية لا تضحك إلا على جمهور فقد البوصلة، ويبحث في كل صفعة عن ذريعة للبقاء في حلبة الوهم.

هذه المسرحية وضعت "الإخوانجية" المغاربة، وأتباعهم من بعض المحسوبين على اليسار، في مأزق لا يُحسدون عليه. فهم لطالما تغنّوا بـ"محور المقاومة"، وباركوا تحالف طهران-الدوحة حينًا، وهللوا لأي صاروخ يُطلق باسم "الرد"، حتى لو سقط في الصحراء.

والآن، أمام هذا المشهد الفضائحي، كيف سيتصرفون؟ هل سيخرجون ليُخبرونا عن موقفهم؟ هل ما زالوا يجدون في إيران حليفًا في وجه "الاستكبار العالمي"، أم أن قواعد اللعبة تغيّرت؟ ولم يبق لهم في خضم هذه التحولات، غير الأمازيغ كشماعة لفشل الشرق ، والذي جاء في الخطاب، الذي لا يستند إلى أي منطق أو تحليل سياسي رصين، يكشف هشاشة الرؤية لدى بعض النخب المتأدلجة التي تحتاج دائمًا إلى "شيطان داخلي" تُعلق عليه فشل مشاريعها القومية أو الإسلامية.

الخطاب الذي حملته التصريحات المثيرة للسخرية التي أطلقها أحمد ويحمان، الناشط المعروف بعدائه لكل ما هو خارج منظومته الأيديولوجية، حين حمّل الحركة الأمازيغية مسؤولية ما يجري في الشرق الأوسط! وكأن الأمازيغ باتوا قوة كونية تتحكم في مصائر الدول وتشعل الحروب الطائفية والانقلابات بينما الحقيقة أن الحركة الأمازيغية حركة مدنية سلمية تطالب بالمواطنة والعدالة والاعتراف بالهوية، لا أكثر ولا أقل.

فلو كانت الأمازيغية تملك هذه "القوة الخارقة" التي يتوهمها ويحمان، لكانت أنهت التمييز اللغوي والثقافي في المغرب، لا أنها تقف وراء انفجارات الشرق وصراعاته. اتهام الأمازيغ بهذه الأوهام هو مجرد وسيلة لتأجيج الفتنة، والهروب من مواجهة الحقائق: أن ما يحدث في الشرق هو نتاج صراعات جيوسياسية إقليمية ودولية، تتداخل فيها مصالح القوى الكبرى، ولا مكان فيها لا للأمازيغ ولا لأحلام الطوائف.

خلاصة القول :أن ضربة إيران في قطر ليست إلا صفقة مفضوحة، هدفها إغلاق الجبهة بصخب، لا فتحها برعب. والموالون لطهران في المنطقة، وخصوصًا في المغرب، يمرّون اليوم بأزمة خطاب حقيقية، بعدما انكشفت حقيقة "الممانعة" التي طالما روّجوا لها. فالجواب إذن واضح لمن يريد أن يرى: الرسالة لم تكن للولايات المتحدة، بل للمريدين. للأنصار. للمطبلين. والهدف ليس الرد، بل تسويق الرد ، أما رمي الحركة الأمازيغية في دوّامة الصراعات الإقليمية، فليس إلا دليلاً على فشل فكري وسياسي ذريع، يحاول عبره البعض إخفاء الشمس بالغربال.