adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/06/19 - 12:35 م

تحت عنوان : "أين ستذهب “البوليسارو” بعد ان حوصرت فى تندوف ..و موريتانيا ليست مرجحة" كتب موقع أنباء انفو الموريتاني، تمركزت جبهة البوليساريو  منذ نشأتها منتصف سبعينات القرن الماضي في مخيمات تندوف جنوب الجزائر، مستفيدة من دعم جزائري سياسي وعسكري ولوجستي، ساعدها فى الحصول على اعترافات بعض الدول، غير أن المتغيرات الإقليمية والدولية التي شهدتها المنطقة، خلال السنوات الأخيرة، أعادت رسم ملامح الصراع، ودفعت الجبهة وشعار "التحرير" و"تقرير المصير" الذى ترفعه إلى زاوية ضيقة، توشك الآن  أن تتحول إلى طريق مسدود.

وتمكن المغرب  فوف الأرض، من فرض واقع ميداني جديد، خصوصا بعد عملية الكركرات في 2020، التي أنهت فعليا أحد آخر معابر الجبهة نحو الجنوب، وعززت سيطرته الأمنية والعسكرية على طول الجدار الرملي، وصولا إلى الحدود الموريتانية. هذا الامتداد الدفاعي المتماسك أغلق أمام البوليساريو أغلب منافذ التحرك، وجعل من قدرتها على التأثير في الداخل الصحراوي شبه معدومة.

موريتانيا، من جهتها، تبنت خلال الأشهر الماضية، مقاربة أمنية صارمة تمثلت في إغلاق أجزاء من حدودها الشمالية الشرقية، وتشديد الرقابة على المعابر غير الرسمية التي كانت تُستخدم للتسلل أو التهريب أو التواصل مع قبائل ومجموعات حدودية.

وإذا كان هذا الأجراء الموريتاني، يحمل طابعا أمنيا في ظاهره، فإنه يعكس في جوهره تغيرا في موقف نواكشوط، التي باتت أكثر حرصا على ضبط المسافة مع أطراف النزاع، وأقرب في توجهها إلى خيار الحياد النشط، بما يضمن استقرارها وتجنبها لأي تورط محتمل في صراع مسلح غير مضمون العواقب، أما فى داخل مخيمات البوليساريو، فإن علامات التآكل بدأت تظهر بوضوح.

الأجيال الجديدة، التي لم تعايش الحرب ولم تقتنع بجدوى الصراع المفتوح، تنحو أكثر فأكثر نحو خطاب الواقعية، مطالبة بخيارات تحفظ الكرامة وتفتح أفق المستقبل، بعيدا عن منطق الانتظار الطويل أو المراهنة على انفراجات دبلوماسية لم تعد وشيكة.

التصدعات في بنية الجبهة لا تقتصر على الجانب الاجتماعي فحسب؛ بل تمتد إلى داخل هياكلها السياسية، حيث تتزايد الخلافات بشأن الخيارات الممكنة في ظل تراجع الدعم الخارجي وانكماش الهوامش الإقليمية.

فعلى الصعيد الدولي، تراجعت مكانة البوليساريو بشكل ملحوظ، حيث أن عددا كبيرا من الدول سحبت اعترافها بما تطلق عليها البوليساريو "الجمهورية الصحراوية"، في حين بات مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمه الرباط يحظى بتأييد على نطاق دولي واسع تتقدمه قوى فاعلة مثل الولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا، فضلا عن دعم واضح من قِبل بلدان عربية مؤثرة في الخليج وشمال إفريقيا.

تغير متسارع في خريطة الاعترافات حوّل البوليساريو من شبه فاعل دبلوماسي حول قضية نزاع، إلى كيان رمزي محدود التأثير، خصوصا في ظل غياب آلية دولية حقيقية تواكب مطالبها أو تفرض مسارا تفاوضيا يعكس مواقفها التقليدية.

يطرح الواقع الجديد، تساؤلات حقيقية حول مستقبل الجبهة ومصير وجودها في تندوف. ذلك ان الجزائر، التي كانت المظلة الحامية والداعمة، تواجه اليوم ضغوطا اقتصادية واجتماعية داخلية تجعل من الاستمرار في هذا النوع من الالتزام عبئا غير مضمون المردود السياسي. أما احتمال انتقال البوليساريو إلى دولة أخرى أو اعتماد العمل السري، فيصطدم بتشدد أمني إقليمي واسع وتحالفات جديدة لا تمنحها مجالا للمناورة. وفي هذا السياق، تبرز موريتانيا بوصفها الدولة المجاورة الأكثر حساسية تجاه أي تحولات مفاجئة، ما يجعل يقظتها الأمنية واجبة واستباقية، خاصة أن احتضان الجبهة أمر يستحيل سياسيا وواقعيا، ولا يمكن أن يتم دون تداعيات تمس توازناتها الداخلية والإقليمية.

بناءً على كل هذه المعطيات، تبدو البوليساريو، كما عرفها العالم لعقود، مقبلة على نهاية وظيفية، إن لم تكن وجودية. قد تستمر باسمها وشكلها كمنظمة تمثيلية محدودة الحضور، لكنها فقدت كثيرا من زخمها السياسي والعسكري، وتراجعت من موقع الطرف المؤثر إلى هامش المشهد. وفي ظل غياب تغير جذري في موازين القوى أو بروز حلفاء جدد، فإن تندوف قد لا تبقى سوى رمز لنهاية مرحلة، وانطفاء مشروع نشأ في أجواء الحرب الباردة، لكنه أخفق في التكيف مع واقع سياسي يتجه أكثر نحو الواقعية، ويضع الاستقرار الإقليمي فوق كل الاعتبارات.

Next
This is the most recent post.
Previous
رسالة أقدم