adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/05/28 - 1:19 م


بقلم الأستاذ حميد طولست

"تقيليش ابن زهر".. ما حدها تقاقي وهي تزيد فـ... ماشي فالبيض!

ما زالت تداعيات ما بات يعرف إعلاميًا بفضيحة "دبلومات قيلش" تلقي بظلالها الثقيلة على كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، التابعة لجامعة ابن زهر، التي تعيش منذ مدة على وقع غليان غير مسبوق كشف أعطابًا مزمنة في التدبير الجامعي، وعرّى هشاشة المنظومة التي تُفترض فيها النزاهة العلمية والشفافية الإدارية.

وفي حلقة جديدة من هذا المسلسل الذي يصرّ على أن لا يلفظ أنفاسه الأخيرة، قرر عميد الكلية إعفاء منسقي ماسترين بارزين (القانون الرقمي والابتكار، والعلوم الجنائية والأمنية)، في خطوة وُصفت نقابيا بـ"الانفرادية" و"غير القانونية"، حيث تمت عبر رسالة "واتساب"، دون تقديم مبرر إداري واضح، ودون احترام المساطر المعمول بها في اقتراح منسقي التكوينات العليا. الأمر الذي فجّر موجة غضب عارمة داخل هيئة التدريس.

ما دفع بالنقابة الوطنية للتعليم العالي لوصفت الوضع بالخطير، والتندّيد بما أسمته "بالشطط في استعمال السلطة"، و"التوزيع للغنائم" في مؤسسة يفترض أن تكون حاضنة للمعرفة لا حلبة للصراع على الامتيازات. أما الشارع الأكاديمي، فيرى أن ما يقع مجرد محاولة بئيسة لذر الرماد في العيون، ومحاولة بائسة لطمس حقيقة "قيلشيات" ترسّخت، وباتت جزءًا من النظام الجامعي السائد.

"قيلش كايدوز من تحت الأرض"...

المثير للدهشة – وإن لم يعد يدهش أحدًا – أن الفضيحة الأصلية المرتبطة بتزوير دبلومات الماستر لم تُعالج إلى حدود اليوم بما يكفي من الوضوح أو الحزم. تم توقيف بعض الرؤوس، وجرى تهريب أخرى، بينما النظام الذي أنتج القيلش ما زال قائمًا: نفس طريقة الانتقاء، نفس آليات التنسيق، نفس غياب التتبع والمحاسبة ، وبعبارة بسيطة: ما زالت "القيلشيات" تتناسل في صمت، ولن يُضبط منها شيء إلا بالصُدفة، أو بانفجار إعلامي يصعب احتواؤه. بينما "العين التي لا تنام" في الجامعة تُغمض جفونها حين يتعلق الأمر برصد الفساد الحقيقي، وتفتّحها فقط حين يتعلق الأمر بمعاقبة من أزعجوا راحة المنظومة.

وفي الوقت الذي

ولم تمر أسابيع على تساؤلات الطلب ،عن تمرغ الأساتذة الصامتين في برك الانتظارية، حتى تفجرت قضية أخرى، وهذه المرة في المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير، حيث وُجّهت أصابع الاتهام لأستاذ سرق أزيد من 50 صفحة من أطروحة دكتوراه، وأدرجها ضمن ملف تأهيله الجامعي.

ورغم اجتماع اللجنة العلمية ، وتدخل الوزارة ، لكن الحسم غاب كالعادة، والصمت كان هو سيد الموقف. المدير الذي يُفترض أن يكون صوته مرجّحًا كما ينص القانون، خرج ليقول إن اللجنة لم تتفق! كيف؟ ولماذا؟ لا جواب. كأن هناك رغبة مؤسساتية صريحة في دفن الملف.

الأساتذة الذين قدّموا شكاية بالسرقة وجدوا أنفسهم لاحقًا في قفص الاتهام، بعدما استغل الأستاذ المتهم وثيقة "مشبوهة" للطعن في شكايتهم، متهمًا إياهم بالتشهير ونشر معطيات كاذبة. كأن السرقة العلمية لم تقع أصلًا، وكأن ما يجري هو مجرد "سوء تفاهم بسيط".

فالقضية ليست في "قيلش" فقط، ولا في السرقة العلمية فقط، بل في نظام جامعي أصبح يُدار بمنطق الغنيمة، ويُشرف عليه مسؤولون لا يظهرون إلا حين "يسخن الطرح"، ولا يتدخلون إلا لحماية من يُفترض التحقيق معهم.

المشكلة في غياب المحاسبة، وتواطؤ الجميع ضد المبدأ الوحيد الذي يمنح التعليم العالي قيمته: المصداقية.

والمؤلم أكثر أن كل ما يحدث يتم بعلم الوزارة، وبرضا السلطات، وبتواطؤ الصمت العام، وكأننا قررنا، بإرادتنا الجماعية، أن ندفن رؤوسنا في رمال التخلف، وأن نقول للفساد: مرحبًا بك ما دمت لا تزعج الواجهة!

فضيحة تلو أخرى، وتواطؤ فوق تواطؤ، وردّات فعل أقل من رمزية. هكذا تُداس الجامعة، وتُحتقر مكانة الأستاذ، وتُهدر حقوق الطالب، وتُغتال قيمة البحث العلمي.

وإن لم تتحرك الوزارة اليوم، وتفتح تحقيقًا شفافًا، وتُفعل المحاسبة بحق – لا بالشعارات – فإن القادم أسوأ، لأن "تقيليش" سيصبح قاعدة لا استثناء.

وفي النهاية، أليس من المخجل أن نطالب بجودة التعليم ونحن لا نُحصّن حتى قيم الشرف الأكاديمي؟.