adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/05/19 - 3:16 م

بقلم الأستاذ حميد طولست

ارتأيت عنونة هذه المقالة حول فضيحة "فراقشي الماستر" التي هزت جامعة ابن زهر ، بهذه العبارة التي طالما سمعت أطفال تارودانت يرددونها للتعبير عن اختلاف ضخامة الفضيحة وفداحة المشكل ، الأمر الذي كانت أمي رحمة الله عليها تعبر عن هذا النوع من التفاوت في الفضائح ، بعاميتها المغربية الفاسية بقولها : "بحال دقات أزفل" ما أصبح  ينطبق تمام الانتطباق على ما نعيشه من فضائح متوالية وآخرها: ما بات يُعرف إعلاميًا بفضيحة "بيع الماستر"، المرتبطة بماستر “القانون والمنظومة الجنائية” الذي كان يشرف عليه الأستاذ الجامعي الموقوف “الشناق قيلش”. الفضيحة، التي بدأت كقضية فساد أكاديمي،بدأ ب"شبهة فساد جامعي" سرعان ما تحوّلت إلى كرة ثلج تكبر مع كل يوم، مدفوعة بتطورات متسارعة وتحقيقات موسعة لتصبح "زلزال مؤسساتي".يخلق  حالة غير مسبوقة من الهلع والرعب،بكلية الحقوق بجامعة ابن زهر بأكادير ، وفي أوساط المستفيدين وتورط أسماء نافذة في الأمن والقضاء

بحسب معطيات متسربة من التحقيق، لم تعد القضية محصورة في تجاوزات أكاديمية تتعلق بتزوير معايير الانتقاء أو منح مقاعد الماستر مقابل امتيازات، بل أخذت بعدًا مؤسساتيًا خطيرًا، بعد ورود أسماء شخصيات وازنة في سلكي الأمن والقضاء ضمن لوائح المستفيدين. يشتبه في حصولهم على مقاعد عبر وساطات مشبوهة وتبادل منافع، في خرق سافر لمبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص.

هذا المستجد أثار موجة غضب واسعة في الأوساط الأكاديمية والحقوقية، وسط دعوات إلى توسيع دائرة التحقيق لتشمل جميع التكوينات الجامعية التي أشرف عليها الأستاذ الموقوف، والتدقيق في لوائح المستفيدين، خصوصًا من يشتغلون في مناصب حساسة قد يكونون استغلوا سلطاتهم أو علاقاتهم للحصول على مقاعد دون وجه حق.

في ظل تصاعد الضغوط، تعالت الأصوات المطالبة بـسحب الشهادات الممنوحة في إطار هذا الماستر، بالنظر إلى الشكوك التي تحوم حول مصداقيتها وشروط الحصول عليها. كما طالبت جهات حقوقية رئيس النيابة العامة بفتح تحقيق شامل في مساطر الانتقاء، ومدى احترامها للمعايير القانونية والأكاديمية، محذّرة من وجود ثغرات ممنهجة تستغل لتمرير "محظوظين" على حساب المتفوقين الحقيقيين.

ويخشى متابعون أن يكون ما ظهر إلى العلن حتى الآن مجرد قمة جبل الجليد، في شبكة أوسع من الزبونية والمحسوبية التي تمس بجوهر الجامعة العمومية ودورها في إنتاج الكفاءات، وليس في إعادة توزيع السلطة والمصالح بين نخب الدولة.

الملف أثار نقاشًا وطنيًا واسعًا حول مدى التزام الجامعات المغربية بمبدأ تكافؤ الفرص، في وقت يتصاعد فيه الإحساس بالإقصاء وسط فئات واسعة من الطلبة، الذين لطالما اشتكوا من التمييز والزبونية في مباريات ولوج الماستر. وتجد هذه الانتقادات صداها في تقارير متعددة حول تردي الحوكمة الجامعية، وتحول بعض التكوينات العليا إلى أدوات لتكريس الامتيازات، بدل ترسيخ الشفافية والكفاءة.

ويرى مراقبون أن فضيحة "ماستر الشناق قيلش" هي إنذار شديد اللهجة للسلطات الأكاديمية والقضائية، لأنها تكشف عن تقاطعات خطيرة بين الجامعة ومراكز النفوذ الأمني والقضائي، ما يستدعي ليس فقط محاسبة الأفراد، بل إعادة هيكلة عميقة لمساطر الانتقاء ومعايير الاستحقاق داخل الجامعة العمومية.

في ظل كل هذه المعطيات، يظل السؤال المفتوح: هل ستشكل هذه الفضيحة فرصة لإعادة الاعتبار للجامعة العمومية، عبر إطلاق ورش جدي لإصلاح منظومة التكوين العالي وضمان شفافيتها؟ أم أن الأمر سينتهي، كغيره، في أدراج النسيان بعد التضحية ببعض "البيادق"؟

الكرة الآن في ملعب النيابة العامة ووزارة التعليم العالي، وسط ترقب شعبي وأكاديمي لما ستسفر عنه التحقيقات، ولما إذا كانت ستطال بالفعل الجهات النافذة المتورطة في القضية، أم ستقف عند حدود "الضحايا الجانبيين" للمنظومة.