adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/05/24 - 3:21 م

في سياق الإصلاحات الجارية، لم يكن قرار إلغاء ذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى مجرد إجراء اقتصادي عابر؛ بل حمل بين طياته رسالة سياسية عميقة تحتاج إلى وعي المواطن لفك شفرتها.

فالسياسة، كما يعرف المطلعون، لا تعتمد على التصريحات المباشرة؛ بل على الإشارات التي تحتاج إلى قارئ بين السطور يفهم اللعبة ويستوعب أبعادها. 

الهدف المعلن كان حماية القطيع الوطني، لكن الهدف الأكثر أهمية كان قطع الطريق أمام ما يُعرف بـ"الفراقشية"، تلك الفئة التي حولت المناسبات الدينية إلى سوق للمضاربة ونهب المال العام، فكل عام، ومع اقتراب العيد، تشهد أسعار المواشي ارتفاعا جنونيا بفعل المضاربات، وتتحول الشعيرة الدينية إلى مهرجان للاستغلال، حيث يدفع المواطن البسيط الثمن بينما يغتنى المضاربون والتجار على حسابه. 

لكن المفارقة المؤلمة أن المواطن المغربي، بدلا من أن يكون شريكا في هذا الإصلاح، تحول إلى عائق أمامه، فمع صدور القرار، اندفع المئات لشراء الأضاحي بأسعار خيالية، مما أدى إلى نفس السيناريو السنوي: ارتفاع الأسعار، وازدهار سوق المضاربة، واستنزاف جيوب الفقراء.

وهنا يطرح السؤال نفسه: من المستفيد الحقيقي من هذا العناد المجتمعي؟ 

الجواب واضح: "الفراقشية" هم الرابحون الأكبر، أما الخاسر فهو المواطن الذي يدفع الثمن مرتين: مرة من جيبه، ومرة من مستقبل بلده، فكلما تم التحايل على القرارات الإصلاحية، كلما تعززت ثقافة الاستغلال، وتراجعت ثقة الدولة في قدرتها على إصلاح ما أفسدته السنوات. 

إن ما حدث ليس مجرد أزمة اقتصادية عابرة؛ بل هو اختبار حقيقي لوعي المواطن المغربي، فهل يعي أن مقاومته للقرار، وإن كانت بدافع الحفاظ على التقاليد، تعني في النهاية إفشال سياسة الدولة في محاربة الفساد؟ وهل يدرك أن الإصلاح لا ينجح إلا بتضامن الجميع، دولة وشعبا؟ 

في النهاية، يبقى السؤال الأهم: متى سنتعلم قراءة الإشارات السياسية، ونفهم أن بعض القرارات الظاهرية تخفي أهدافا أعمق؟ متى سنستوعب أن التحدي الحقيقي ليس في مواجهة الدولة؛ بل في مواجهة ثقافة الاستغلال التي أنهكت البلاد؟.

الإجابة ليست سهلة؛ لكنها الطريق الوحيد لبناء مغرب يحترم نفسه، ويصون موارده.