adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/05/19 - 1:23 م

زلزلت قضية الأستاذ الجامعي بأكادير، الموقوف على خلفية اتهامه في ملف للاتجار في الشهادات الجامعية، أركان التعليم العالي بالمغرب، وفتحت الباب على مصراعيه أمام أسئلة محرجة حول نزاهة المنظومة ومصداقيتها.

وحسب يومية الصباح المغربية، فإن المسألة لم تعد مجرد شبهة عابرة؛ بل كشفت التحقيقات عن شبكة فساد محكمة، نسج خيوطها أستاذ جامعي يفترض فيه أن يكون قدوة في الأخلاق والمعرفة، لكنه استغل منصبه لخدمة مصالح أصحاب نفوذ، وورط نفسه في جرائم خطيرة، كغسل أموال والتزوير واستغلال السلطة، والاتجار في الشهادات الجامعية التي يفترض أن تمنح بالاستحقاق لا بالصفقات.

وكشفت الجريدة، أن شرارة القضية انطلقت بعد إيقاف موثق من أكادير بسبتة، أثناء محاولته مغادرة المغرب، صيف 2021، إثر اتهامه باختلاس ودائع زبنائه بمبالغ تقدر بالملايير.

وخلال التحقيق معه، اعترف بحصوله على شهادة "ماستر" من الأستاذ الجامعي الموقوف مقابل 25 مليونا، دون حضور أي حصة دراسية، أو اجتياز مباراة، ما كشف عن وجود شبكة ممنهجة تتلاعب بمسارات التعليم العالي.

وأمام خطورة المعطيات، تضيف الصباح، تقدمت الهيأة الوطنية لحماية المال العام والشفافية ببلاغ رسمي إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بأكادير، تتهم فيه الأستاذ المعني بتزعم عصابة متخصصة في تزوير الشهادات، وتغيير السجلات الجامعية، واستغلال موقعه لابتزاز الطلبة، والضلوع في عمليات نصب وتبديد المال العام.

وتوالت الشكايات من طلبة دكتوراه أكدوا تعرضهم لابتزاز مباشر من قبل الأستاذ المشرف، الذي طلب مبالغ وصلت إلى 70 ألف درهم، مقابل السماح لهم بمواصلة الدراسة، مهددا إياهم بالفصل في حال الرفض، ما دفع أحدهم إلى مراسلة وحدة معالجة المعلومات المالية، بوجود شبهات قوية حول تورطه في عمليات غسل أموال، ما أدى إلى توسيع نطاق التحقيقات تحت ضغط متزايد من الرأي العام.

كما كشفت المراسلة أن الأستاذ راكم ثروة ضخمة خلال فترة وجيزة لا تتناسب مع دخله الشهري، الذي لا يتعدى 15 ألف درهم، إذ اشترى عقارا شاسعا بضواحي تارودانت، بقيمة بلغت 111 مليونا، بنى عليه "فيلا" بلغت تكلفتها أكثر من 211 مليونا، قبل أن يوسع استثماراته إلى أكادير، حيث شيد "فيلا" ثانية بتكلفة تجاوزت 161 مليونا، رغم أن أصوله الاجتماعية تعود لأسرة فقيرة، ولا يملك أي مصدر دخل معروف سوى راتبه الجامعي.

وتزداد خطورة الملف مع ترؤس الأستاذ للمركز الوطني للمصاحبة القانونية بالبيضاء، وهو مركز من المفترض أن يقدم المساعدة القانونية للفئات الهشة، إلا أن معطيات من شكايات الطلبة تشير إلى أن هذا المركز لم يكن سوى واجهة لتبييض الأموال واستغلال الضحايا، دون أن تسجل له أنشطة فعلية تبرر الدعم الحكومي الذي حصل عليه، والذي تجاوز 211 مليونا، خصصت لمشاريع محو الأمية القانونية.

وتشير اتهامات أخرى إلى تورط الأستاذ في تزوير شهادات ومشاركات علمية لفائدة طلبة أجانب، مقابل مبالغ وصلت أحيانا إلى 100 ألف درهم، ما مكنهم من الحصول على شهادات جامعية مغربية، دون أن يزوروا البلاد، في خرق صارخ لقيم النزاهة الأكاديمية وأخلاقيات التعليم العالي.

كما سبق للنيابة العامة بأكادير أن تابعت الأستاذ في 2021، في قضية "المحكم الدولي المزيف"، الذي صرح أنه حصل على شهادات مزورة من الأستاذ ذاته، إلا أن التحقيق لم يكتمل، وتم الاكتفاء باستدعائه شاهدا، رغم وجود قرائن واضحة على مشاركته في صنع تلك الوثائق.

كما كشفت التحقيقات عن حصول عدد من الموظفين وأصحاب النفوذ على شهادات عليا، دون التزام بالحضور أو اجتياز الاختبارات المطلوبة، في خرق واضح لمبدأ الاستحقاق الأكاديمي.

وتورط في هذا المسار المشبوه قضاة، ورجال أعمال، ومحامون، إلى جانب مسؤولين وموظفين نافذين في عدد من المؤسسات، بل شملت الاستفادة منه أيضا أفرادا من عائلاتهم وأصدقائهم، ومن بين المستفيدين من هذه الشهادات، أبناء مسؤولين بارزين في أكادير، وأبناء أعيان من قبائل الصحراء، بالإضافة إلى أبناء سياسيين ومنتخبين من مختلف الجهات.

كل هذه المعطيات تثير تساؤلات عميقة حول غياب الرقابة داخل الجامعة، وتطرح علامات استفهام بشأن كيفية تمكين شخص بمثل هذا السجل من تبوؤ مواقع أكاديمية وحقوقية حساسة، وتقديم نفسه مرجعا قانونيا ومدافعا عن الفئات المهمشة، في حين تشير الوقائع إلى تورطه في شبكات نصب وتزوير واختلاس المال العام.