adsense

/www.alqalamlhor.com

2025/06/08 - 9:26 ص

متابعة حميد طواست

رغم فوز مستحق لأسود الأطلس على نسور قرطاج بثنائية نظيفة، ورغم احتفالية مفعمة بالرمزية والتقدير لاسمين كبيرين في المشهد الرياضي والإعلامي الوطني – العابد القرشي، الصوت الفاسي الذي عرفناه مراسلاً مخلصاً، وعبد اللطيف الشرايبي، ذلك الشاب الأبدي الذي صدح بصوته من مكناس منذ الستينات حباً في "الكوديم" – إلا أن مباراة الأمس بمدينة فاس كشفت عورة تنظيمية تستدعي مساءلة لا مجاملة.

المنتخب المغربي، بقيادة الركراكي، واصل تأكيد تفوقه القاري، محققاً انتصاره الثالث توالياً على نظيره التونسي، في مشهد رياضي واعد يعكس الجاهزية الفنية والانسجام التكتيكي. الجماهير بدورها لم تخذل الموعد، فزينت المدينة والملعب بالعَلَم الوطني، وأبدعت في "تيفو" راقٍ داخل الملعب، واستقبلت حافلة المنتخب الوطني بحماس قلّ نظيره.

لكن خلف كل هذا البهاء، اختبأت فوضى تنظيمية ضربت في العمق كل الجهود المبذولة لتقديم فاس كوجهة قادرة على احتضان أحداث رياضية كبرى، خاصة في ظل ارتباط اسم المغرب بترشيح مشترك لاستضافة كأس العالم 2030، وتحضيراته لاحتضان "كان" 2025.

الاختلالات لم تكن هامشية، بل جوهرية. آلاف الجماهير ممن اقتنوا تذاكرهم بشكل قانوني وجدوا أنفسهم عالقين خارج الملعب، ضحية عشوائية التدخلات، و"باك صاحبي" وغياب الشفافية. تكررت المأساة التي ظن الجميع أننا طوينا صفحتها منذ سنوات: تذاكر تُشترى بالمال، لكن لا تفتح بوابات الملاعب. والرد الصادم المتكرر: "الملعب ممتلئ"، رغم أن المدرجات كانت، حتى اللحظات الأخيرة، تستقبل الوافدين بطرق "غير رسمية".

فهل يُعقل أن يُقصى من يملك الحق، ويُفسح المجال أمام من دخل بالتوصية والعلاقات؟ أليست هذه الوصفة المثالية لقتل ما تبقى من ثقة الجماهير في المؤسسات الرياضية؟ أليست صفعة في وجه كل خطاب عن الاحتراف والتنظيم المحكم والتكنولوجيا الأمنية المتطورة التي قيل إنها ستعتمد لأول مرة داخل الملعب وخارجه؟

لقد حوّل هذا الارتباك التنظيمي فرحة وطنية إلى لحظة استياء جماعي. تساؤلات محقة انتشرت على الألسن وفي منصات التواصل: من المسؤول؟ وأين المحاسبة؟ وهل نحن فعلاً مستعدون لتنظيم تظاهرات بحجم "الكان" أو "المونديال" إذا كنا نعجز عن ضبط مباراة ودية؟

إن ما حدث في فاس ليس مجرد "سوء تقدير"، بل مؤشّر خطير على الحاجة إلى مراجعة شاملة لمنظومة التنظيم الرياضي، ومساءلة كل من يعبث بصورة الوطن في محطات من هذا النوع. فالتكنولوجيا وحدها لا تنفع دون نُخب كفؤة، والمظاهر الاحتفالية لا تغني عن جوهر العدالة والانضباط.

ولئن كان الركراكي قد أثنى بحق على حماس الجمهور وأداء لاعبيه، فإن أجمل ما في هذه المباراة لا يجب أن ينسينا أن الكارثة التنظيمية كانت حاضرة، وأن الحب الحقيقي لكرة القدم لا يُقاس بعدد الأهداف، بل بمدى احترام الجماهير وتكافؤ الفرص.

إن لم نواجه هذه الحقيقة الآن، فإننا نخاطر بأن يتحول حلم "كان 2025" و"مونديال 2030" إلى كابوس بحجم "فاس 2025"، لا قدّر الله.

Next
This is the most recent post.
Previous
رسالة أقدم