شهدت مدينة فاس اليوم، الجمعة 6 يونيو
2025، مباراة ودية جمعت المنتخب المغربي بنظيره التونسي، وهي مناسبة كروية كانت
لتكون عرسا رياضيا يعكس قدرة المغرب على احتضان التظاهرات الكبر؛ إلا أن ما لوحظ
على أرض الواقع، وبشهادة نشطاء ومتتبعين حضروا المباراة عن كثب، كان بعيدا كل
البعد عن التنظيم المأمول، مقدما بذلك درسا قاسيا في الأهمية القصوى للتخطيط
المسبق والإدارة الفعالة.
تعددت أوجه القصور التنظيمي، بدءً من
المحيط الخارجي للمركب الرياضي وصولا إلى أدق التفاصيل داخل الملعب. أولاً، كان
قرار قطع جميع المسالك الطرقية المؤدية إلى المركب الرياضي إجراءً غير مبرر وغير
سليم تنظيميا، فالمركب الرياضي لا يقع في منطقة معزولة، بل تحيط به تجزئات سكنية
ومؤسسات حيوية كالمستشفى الجامعي وكلية الطب والصيدلة ومركز فاس شور للاتصال، بالإضافة
إلى العديد من الأندية، فمن غير المنطقي؛ بل وغير مقبول، قطع الطريق أمام
المواطنين المتوجهين لقضاء أغراضهم الضرورية، أو حتى أولئك الذين يقصدون وجهات
خارج فاس مثل مدينة صفرو وعين البيضاء، هذا الإجراء، وإن كان يهدف ظاهريا لتسهيل
وصول الجماهير، فقد تسبب في تعطيل حياة ساكنة المنطقة بشكل كبير.
ثانياً، تكرر الخطأ المعتاد بفتح باب
واحد فقط للدخول إلى الملعب، مما خلق ازدحاما خانقا وتسبب في شعور المرتفقين
بالإهانة والإرهاق قبل حتى أن تطأ أقدامهم أرض الملعب، هذا النقص في التخطيط لدخول
الجماهير يُعد إخلالاً بواجب توفير تجربة مريحة وآمنة للجمهور.
ولم تقتصر المشاكل على ذلك، بل امتدت
لتشمل سوء تنظيم مرفق موقف السيارات، حيث عانى القادمون بسياراتهم من فوضى عارمة
وعدم وجود توجيه واضح، مما زاد من حالة الفوضى والارتباك.
أما داخل الملعب، فقد لوحظ تنقل
الجمهور بحرية تامة بين مدرجات الدرجات المختلفة دون أي رادع، على الرغم من وجود
أفراد الحراسة الخاصة، هذا التساهل في مراقبة حركة الجمهور لا يمس فقط بجمالية
التنظيم؛ بل يطرح تساؤلات جدية حول سلامة الجماهير وقدرة المنظمين على التحكم في
الحشود في حال وقوع أي طارئ.
إن مباراة المغرب وتونس، بهذا المستوى
من التنظيم، تُعد امتحانا لم يتم النجاح فيه بالشكل المطلوب، وهي مناسبة تستدعي
استدراك الأمر فورا، ومحاولة الإنصات بجدية للانتقادات البناءة، وأخذها مأخذ الجد
دون تبخيسها أو تخوين منتقديها، فالمغرب ينتظر تنظيم تظاهرات كبرى في المستقبل القريب،
ولا يمكن أن يتم ذلك بنجاح إلا من خلال مراجعة شاملة للأخطاء، والتعلم منها،
والعمل على تحسين آليات التنظيم والإدارة بشكل مستمر.
إن نجاح أي حدث رياضي لا يقتصر على
الأداء داخل الملعب؛ بل يبدأ من لحظة وصول الجمهور وحتى مغادرته، وهو ما يتطلب
احترافية عالية وتخطيطا دقيقا لكل جزئية.