adsense

2018/09/10 - 1:06 م

بقلم عبد الحي الرايس
أولهما عميدُ الأدب العربي طه حسين في جلسةِ مُساءلةٍ مع مجموعةٍ من مشاهيرِ أدباءِ مصرَ في النصف الثاني من القرن الماضي، تَحَلَّقُوا حولَهُ وركَّزُوا على إثارة قضيةٍ واحدة، تخُصُّ الكتابة الأدبية بالفصحى أم بالعامية، فكانتْ إجابتُهُ حاسمةً واضحة: إذا كتبتَ بالفصحى تواصلتَ مع كل العرب، وفَهِمكَ كلُّ العرب من المحيط إلى الخليج، وإذا كتبتَ بالعامية اقتصرَ تَواصلُكَ مع محيطك القريب لا غير، وعندما ألحُّوا في السؤال، أجاب بجواز أن تتخللَ العملَ الأدبي (لا المدرسي) بعضُ التعابير العامية عند الضرورة.(ملخص وثائقي مُتداوَل).
ـ وثانيهما الدكتور عبد الله الدنان أستاذ الأدب الإنجليزي الذي حكى عن تجربة ذاتيةٍ له مع صغيره "باسل" الذي آثر في تنشئته أن يَدَعَهُ يتحدثُ مع أمه وإخوته الكبار بالعامية، على أن ينفردَ هو بمخاطبته بالفصحى، فكانت النتيجة أن "باسل" (وهو في سن الثالثة) إذا تحدث إلى أبيه جاء حديثه بلسانٍ عربي مُبين لا يشوبُه أيُّ خطإ في التعبير، وإذا خاطب أمه والآخرين جاء خطابُه بالعامية، فإذا نقل خطاباً من أمه إلى أبيه أدَّاهُ بالفُصْحى، وإذا كان من أبيه إلى أمه أو إخوته تَرْجَمهُ إلى العامية
وعندما رُزِقَ الدكتور بأنثى (بعد باسل) سماها "لونة" وأصرَّ معها هي الأخرى على مواصلة نفس التجربة التي أثبتتْ  إمكانية التنشئة على الفصحى بطريقةٍ تلقائيةٍ عرضية، دونما حاجة إلى تقعيد، فإذا تم الولوج إلى المدرسة كانت مُتعة التميُّز ويُسْرِ التعلُّم إلى حدِّ المفاجأةِ بإبداع الناشئ في الاشتقاق، واجترائه على تصحيح ما قد يعتري الكتابَ أو الخطابَ من أخطاء. .(ملخص وثائقي مُتداوَل).
تلكم متعة التنشئة والتربية والتعليم.
والناشئةُ طاقةٌ خام تسْمُو بها فتُذْهِلُك، وتسْتهينُ بها فتخْذُلُك.
وحقلُ التربية والتعليم فضاءٌ فسيح:
* لتفجير طاقاتِ الإبداع والسمُوِّ بالإنسان ، وتوحيدِ الأممِ والارتقاءِ بالأوطان.
* أو لِهَدْرِ الطاقات، وكَتْمِ أنفاسِ المواهبِ والقابليات، وتثبيتِ الشتات وتكريسِ تخلُّفِ الأوطان.
ولْيَخْترْ كُلٌّ الوِجْهةَ التي هو مُوَلِّيهَا، فهل لنا أن نسْتبِقَ الخيْرات؟ !