adsense

2017/05/03 - 5:37 م




بقلم الأستاذ حميد طولست


قضية "مي عائشة"نموذجا .
بقدر ما فرح المغاربة بخبر تدخل مصالح الدرك الملكي، في قضية "مي عائشة" التي هددت بالانتحار بداية الأسبوع الجاري بمدينة الرباط ، وبقدر ما ارتاحوا لقرار إعادة فتح التحقيق من جديد في ظروف وملابسات فقدانها لقطعة أرض كان قد صدر فيها، العام الماضي، حكما بالبيع بالمزاد العلني ، لتسديد مبلغ مالي لفائدة أحد جيرانها، بقدر ما أصيب المغاربة بكل الخيبات والانتكاسات ، وشعروا بالغضب والإحباط ، بسبب تدوينة احد قياديي حزب العدالة و التنمية  وكاتب الدولة المكلف بالماء في الحكومة التي تترأسها- والذي كان من المفترض فيه التضامن مع المرأة في مصابها ، والدفاع عما تعيشه وأمثالها من البؤساء والمحرمين ، ويكون السباق لتنزيل المعنى النبيل لقصة إسراء أفضل خلق الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ومعراجه عليه الصلاة والسلام إلى السماوات العلا ، على أرض واقع الحياة ، وترجمة حقيقة مغازيه في ممارسة السياسة التي يدير بها أمور شعب يظطر مواطنوه "نساؤه وأطفاله وعجائزه "للإنتحار حرقا أو قفزا من أعلى سطوح العمارات أو من فوق أعمدة الكهرباء ، بدل الاستغراب التهكمي من تضامن المغاربة مع "مي عيشة " في مصابها الجلل ، والتنديد باهتمام وسائل الإعلام بها ، ومؤاخدتها على تبني قضيتها بالتفصيل ، الأمر الذي يعد في جوهره سخرية سافرة من "مي عيشة" أكثر منه استغرابا من صورتها التي هزت الرأي العام وهي معلقة  على عمود كهربائي، ، وأكثر استفزازا من مجرد عدم اكثرات إعلامين بذكرى الإسراء والمعراج ، الذي اعتبره سعادته نقصا في الدين وفساده ، والذي لم يبصره ، جنابه ، في أنتشار كل أنواع الفساد المنتشر مفاصل مجتمعنا  الحالي ، ورآه بجلاء في التفاعل الاعلام مع محن المواطنين وتضامنه مع مي عيشة التي لم تكن غايتها الانتحار في حد ذاته ،  وإنما رغبت في اسماع صوتها لمن بهم عمى وصمم من المسؤولين الذين علق عليهم والمغاربة ، آمال تحسين الأوضاع المزرية التي هم فيها ، فخابت أمانيهم ، لإنشغال من تولوا أمر خدمتهم من الاسلاميين ، بإضفاء طابع القداسة الدينية على أي حديث أو  حدث أو  سلوك أو تصرف ، وأخضاعه للفكر و المعتقدات المستوردة في غالبيتها من المجتمعات الشرقية ،التي تعتبر نفسها الأكثر تدينا ، بينما هي –في حقيقة أمرها وكما يعلَم الجميع – الأكثر نفاقا ، والأكثر فسادا في الإدارة، والأكثر إرتشاء في القضاء، والأكثر كذبا في السياسة، والأكثر هدرا للحقوق، والأكثر تحرّشا بالنساء، والأكثر إعتداء على الأطفال، والأكثر إشعالا للفتنة الطائفية بإسم الإسلام، والأكثر إيقاظا للحروب وتشتيتا للمسلمين باسم وحدة المسلمين..!
خلاصة القول أنه ليس هناك ما يزعج رجال الدين والسياسة ، أكثر من نشر الأحداث/الفضائحة ، التي يستخلص منها عمق السياسات التدبيريه  التي يديرون بها أمور البلاد وشؤون العباد والتي تعريهم أمام الرأي العام..