بقلم
الأستاذ حميد طولست
في ظل الشخصنة الطافحة ، والغياب
التام للتصور الأمثل للتشكيلة الحكومة وما صاحبها من
نحس أو تعتر "بلوكاج" مع رئيس الحكومة المقال السيد بنكيران ، وسرعة
التشكل مع رئيس الحكومة المعوض له السيد العثماني ، انتقلت ثرثرة الشارع العام
وهدر الصحافة بكل ألوانها، إلى الحديث عن هندسة الحكومة
الجديدة وأشخاصها وأحزابها
ووزرائها، دون المرور بما هو أهم من كل ذلك ، والمتمثل في البرنامج الذي من
الضروري أن تتقدم به أي حكومة ، أمام البرلمان للمصادقة عليه ، كخريطة
طريق للخمس سنوات القادمة ، التي يطمع
الشعب المغربي بأكمله في أن يرى من خلال تطبيقه خلالها ، ما يريد ويبتغي من واقع
حي يقطع مع الماضي الشاهد على الإفلاس وخيبة الأمل ، ويؤسس لمستقبل تعمه الحرية
والعدالة والكرامة ، وتملؤه الأفعال التي تنأى بأبنائه عن عوالم الجهل البغيض
والبطالة المفجعة واليأس الفتاك والرتابة القاتلة والهجرة السرية الغدارة ،
والمشاريع التي تقيهم نيران الفقر وجمر الفاقة وذل السؤال ، وغير ذلك من الضروريات
والحاجيات التي هي من حقه بنص الدستور الذي صوت عليه ، والتي هي في حقيقتها حمل ثقيل ومرهق
وشاق، ولا يقوى عل تحقيقها إلا حكومة بمواصفات ومعايير ومهارات مهنية واجتماعية ،
يراعى فيها تراكم الخبرات الإدارية الفنية وتوازنها بالرؤية السياسية والاحساس
بضرورة التحديث المؤسسي وفق خطط استراتيجية مدروسة وواضحة ، تتولى تنفذها باسم
الحكومة نخب وطنية تقدس الإنتماء للوطن ، وتغار على عموم الشعب ، وتتفاني في بناء
مستقبله ، وحماية مصالحه من الصفقات السياسية المطبوخة ، وتأطير أجياله وتقويم اعوجاجها
والخروج بها من رتب القعود المتدنية إلى المنافسة الحقيقية في كل المجالات
والقطاعات ، نخبة يشترط في ترشحها لتلك المناصب القيادية الحساسة –الوزارات- ،
بالإضافة إلى الجدارة والقدرة العلمية والمهنية والأخلاقية والخبرات المهنية
والتدرج الوظيفي وتنوعه ومدته الإنجارات المقدمو خلاله ، ونوعية الشهادات العلمية
المحصل عليها ومعدل التخرج فيها، وتصنيف الجامعات المؤهلة ، فإنه يفرض ارتباط كل تلك
الخبرات والكفاءات العلمية
والمهنية ، باختصاص المؤسسة التي سيعين المرشح فيها، ليكون ملما بدقائقها ومهامها
، وعارفا بالمشكلات التي سيواجهها بها ، ومدركا لتوازنات القوى فيها، حتى يتمكن من
رسم استراتيجية له ، لأن الوزير الذي لم يسبق له العمل في نفس الوزارة سيستغرق
أشهرا طويلة في التعرف على مهامه، وأشهرا ليتعرف على مشكلات الوزارة ، وأشهرا
ليرسم استراتيجيات العمل بها، وأشهرا يجرب ويخطئ ، وتذهب السنوات دون أن يقدم فيها
أي خدمة أوتطوير نوعي . وإني هنا لم أهمل شرط النزاهة والأمانة والشرف لبديهيته ،
سواء على المستوى الشخصي ، حيث يطلب في الوزير ألا تكون عليه أحكام او مخالفات حتى
المرورية منها ، لأن ذلك مؤشر على احترام القانون، أو على مستوى سيرة أسرته التي
تعتبر الجوانب الاخلاقية واجتماعية لها أمرا في غاية الاهمية ، ويلعب دورا إيجابيا
في قياس مناسبة المرشح للمنصب الوزاري الذي يكلف به المرشح ..
فهل اللائحة الوزارية ، أو
الجيش العرمرم من الوزراء الذي يصيب عدده الهائل المواطن
السليم المعافى بالدوخة والدوار ، هل هي تشكيلة قادرة فعلا على التطوع الصادق
والمشاركة الفعلية والفعالة لخدمة الوطن والمواطنين ؟ أم أن المسألة لا تتعدى مجرد
حقائب للمراضات ؟ يعجز حاملوها والراضون بها عن رفع فاعلٍ أو نصب مفعولٍ به ، أم
أنها مجرد مغامرة تجريب يتعلم فيها المحضيون
"تاوزارا" في شأن هذا الشعب ، كما يفعل مبتدئي مهنة الخلاقة في المثل
الشعبي: "بجربوا يا لحجاما في ريوس ليتاما" .
وفي الختام أتمنى صادقا
للحكومة الجديدة التوفيق في أداء المهام المنوطة بها على أحسن وجه .