adsense

2017/04/08 - 10:20 م



بقلم الأستاذ حميد طولست

في ظل الشخصنة الطافحة ، والغياب التام للتصور الأمثل للتشكيلة الحكومة وما صاحبها من نحس أو تعتر "بلوكاج" مع رئيس الحكومة المقال السيد بنكيران ، وسرعة التشكل مع رئيس الحكومة المعوض له السيد العثماني ، انتقلت ثرثرة الشارع العام وهدر الصحافة بكل ألوانها، إلى الحديث عن هندسة الحكومة الجديدة  وأشخاصها وأحزابها ووزرائها، دون المرور بما هو أهم من كل ذلك ، والمتمثل في البرنامج الذي من الضروري أن تتقدم به أي حكومة ، أمام البرلمان للمصادقة عليه ، كخريطة طريق للخمس سنوات القادمة ، التي يطمع الشعب المغربي بأكمله في أن يرى من خلال تطبيقه خلالها ، ما يريد ويبتغي من واقع حي يقطع مع الماضي الشاهد على الإفلاس وخيبة الأمل ، ويؤسس لمستقبل تعمه الحرية والعدالة والكرامة ، وتملؤه الأفعال التي تنأى بأبنائه عن عوالم الجهل البغيض والبطالة المفجعة واليأس الفتاك والرتابة القاتلة والهجرة السرية الغدارة ، والمشاريع التي تقيهم نيران الفقر وجمر الفاقة وذل السؤال ، وغير ذلك من الضروريات والحاجيات التي هي من حقه بنص الدستور الذي صوت عليه  ، والتي هي في حقيقتها حمل ثقيل ومرهق وشاق، ولا يقوى عل تحقيقها إلا حكومة بمواصفات ومعايير ومهارات مهنية واجتماعية ، يراعى فيها تراكم الخبرات الإدارية الفنية وتوازنها بالرؤية السياسية والاحساس بضرورة التحديث المؤسسي وفق خطط استراتيجية مدروسة وواضحة ، تتولى تنفذها باسم الحكومة نخب وطنية تقدس الإنتماء للوطن ، وتغار على عموم الشعب ، وتتفاني في بناء مستقبله ، وحماية مصالحه من الصفقات السياسية المطبوخة ،  وتأطير أجياله وتقويم اعوجاجها والخروج بها من رتب القعود المتدنية إلى المنافسة الحقيقية في كل المجالات والقطاعات ، نخبة يشترط في ترشحها لتلك المناصب القيادية الحساسة –الوزارات- ، بالإضافة إلى الجدارة والقدرة العلمية والمهنية والأخلاقية والخبرات المهنية والتدرج الوظيفي وتنوعه ومدته الإنجارات المقدمو خلاله ، ونوعية الشهادات العلمية المحصل عليها ومعدل التخرج فيها، وتصنيف الجامعات المؤهلة  ، فإنه يفرض ارتباط كل تلك الخبرات والكفاءات العلمية والمهنية ، باختصاص المؤسسة التي سيعين المرشح فيها، ليكون ملما بدقائقها ومهامها ، وعارفا بالمشكلات التي سيواجهها بها ، ومدركا لتوازنات القوى فيها، حتى يتمكن من رسم استراتيجية له ، لأن الوزير الذي لم يسبق له العمل في نفس الوزارة سيستغرق أشهرا طويلة في التعرف على مهامه، وأشهرا ليتعرف على مشكلات الوزارة ، وأشهرا ليرسم استراتيجيات العمل بها، وأشهرا يجرب ويخطئ ، وتذهب السنوات دون أن يقدم فيها أي خدمة أوتطوير نوعي . وإني هنا لم أهمل شرط النزاهة والأمانة والشرف لبديهيته ، سواء على المستوى الشخصي ، حيث يطلب في الوزير ألا تكون عليه أحكام او مخالفات حتى المرورية منها ، لأن ذلك مؤشر على احترام القانون، أو على مستوى سيرة أسرته التي تعتبر الجوانب الاخلاقية واجتماعية لها أمرا في غاية الاهمية ، ويلعب دورا إيجابيا في قياس مناسبة المرشح للمنصب الوزاري الذي يكلف به المرشح ..
فهل اللائحة الوزارية ، أو الجيش العرمرم من الوزراء الذي يصيب عدده الهائل المواطن السليم المعافى بالدوخة والدوار ، هل هي تشكيلة قادرة فعلا على التطوع الصادق والمشاركة الفعلية والفعالة لخدمة الوطن والمواطنين ؟ أم أن المسألة لا تتعدى مجرد حقائب للمراضات ؟ يعجز حاملوها والراضون بها عن رفع فاعلٍ أو نصب مفعولٍ به ، أم أنها مجرد مغامرة تجريب يتعلم فيها المحضيون "تاوزارا" في شأن هذا الشعب ، كما يفعل مبتدئي مهنة الخلاقة في المثل الشعبي: "بجربوا يا لحجاما في ريوس ليتاما" .
وفي الختام أتمنى صادقا للحكومة الجديدة التوفيق في أداء المهام المنوطة بها على أحسن وجه .