adsense

2017/04/06 - 12:02 ص


بقلم الأستاذ حميد طولست

إن من يتابع  ما عاشه حزب الاستقلال في الأيام الأخيرة ، ولازال  ، صراعات مصلحية  تتحدث عن نفسها بين  فصائله ، لاشك أنه يرى أن مآلها ، ومن دون مبالغة أو مزايدة، بلا أفق واضح ، وأن  مصيرها الإنفجار الذي تفرضه الحتمية التاريخية التي تقتضي أن كل التكثلات وكل التجمعات على اختلاف مرجعياتها السياسية و الاجتماعية وحتى الاقتصادية المبنية على المصالح الذاتية ، لا مندوحة لها من تصارع المكاسب وتصادمها، مادام الخيط الناظم بين مكوناتها هو المصالح المتعارض المتضاربة والمتناقضة ، بخلاف التكثلات والتجمعات ، التي أسس بنيانه  على القيم والمبادئ الإنسانية ، لا يمكن أن يشكل أي خلاف بينها إلا إضافة جديدة تقويها ، كما كان الحال بالنسبة لحزب الإستقلال الذي عرفناه مع علال الفاسي والقادري وبوستة والدويري ، وغيرهم من الرواد الأوائل الذين من جمعوا إلى جانب العمل السياسي والجهاد الوطني ، زعامة الفكر وأصالة الرأي، وكانوا خير من جسَّد أخلاقيات الوطنية الحقة الملتزمة بالبعد الإنساني الرفيع ،
 بما إمتلكوا من كفاءات علمية ومهنية عالية ،وما امتازوا به من مواقف سياسية واضحة ، مثلت القيمة الحقيقية للقيادة الحكيمة الخلاقة التي استطاعت أن أن تلهب حماس الجماهير وتسيطر على أفئدتهم، بما أتقنوه من حسن تدبير للاختلافات الحزبية الداخلية ، التي انتفت أو كادت تنتفي من حزب الإستقلال اليوم ، الذي لا يمكن إلا أن يأسف المرء لما يقع فيه وعليه من ذوي القربى الحزبيين الذين شذت غالبيتهم -  في ظل ما يعرفه المجتمع السياسي المغربي من تحولات العمل الحزبي- عن نهج سلفهم الصالح ، وتبنوا مجموعة من السلوكيات المكرسة للذاتية ، والموطدة للبراغماتية ، والمحللة لقيم الريع الحزبي ، الذي جعل المصالح تتعارض، والمكاسب تتصادم ، والمنافع تتصارع ، والتبريرات تتخبط في تبرير ما لا يجوز تبريره منها حسب الهوى والمزاج، ما وخلق مشاكسات جانبية وصراعات قوية ، ميعت العمل السياسي ، وبخست المجال الحزبي ، وعَرِّضت النظرة المجتمعية له للتآكل، ونفرت الناس منه ، بما نشرت في أجوائه من تقاتل واحتراب وتشاتم ، أسهمت في تخلف الحزب ونكوصه ، ودفع به الى حافات الهدم والتخلف عن الركب ، وفقدان القدرة على تقديم الحلول ، ومسايرة التطور ، واشباع حاجات المنخرطين الى الديمقراطية الداخلية ، الغائب الأكبر من عمق هذا الكيان الحزبي العظيم الذي كلما اقترب من مركز القرار فيه تراءت للمتفحص معالم السلطوية والدكتاتورية الإدارية ، المعضلة المرضية التي نخرت جسده من الداخل ، وقوضت بنيانه التنظيمي ، وأدت به في النهاية إلى ما هو عليه اليوم من هشاشة وترهل ، لاشك ستؤثر سلبا على المشهد السياسي المغربي بمجمله .
 فهل من منقذ لهذ الصرح العظيم ممن يعتاشون عليه ولا تهمهم خدمته ولا خدمة الوطن والمواطنين من خلاله ، بقدر ما يهمهم ما يحققون فيه ومنه من مكاسب وما يحوزون من امتيازات ؟؟..