بقلم الأستاذ حميد طولست
إن الذين تتبعوا أطوار القمة العربية الثامنة
والعشرين - التي انعقدت في ظل تحديات بارزة بمنطقة الشرق الأوسط، منها أزمات سورية
وفلسطين واليمن وليبيا، إضافة إلى العلاقات مع إيران- من كل زواياها و من كل أبعادها
، ولم يكتفوا بالتفكه على من نام من القادة خلال أشغالها ، أو الشماتة ممن سقط فيها
، لاشك أنهم أدركوا أن في القمم العربية خللا
ما ، أو أن فيها "إن" ، كما يقولون
، أو أن أحد أولياء الله الصالحين دعا فيها بالبوار والكساد ، ولا سبيل لترضيته حتى
يعفيها مما أصابها به من نحس وسوء حظ ، لأنه مع الأسف فارق الحياة " كما كانت
تقول لي والدتي رحمة الله عليها كلما عجزت أو أسأت التصرف في أمر ما : "اللي دعا
فيك مات ومابقى فيه ما يترغب " ، فأين هو الخلل إذن؟ وما هي تلك الــ"إن"
التي لبست القمم العربية؟؟ وما سبب ذاك النحس الذي خالطها؟؟؟ حيث أني ، ومند بدأت أعي ، وأنا أسمع أن قادة العرب
يعقدون إجتماعات دورية أطلقوا عليها إسم "القمة العربية " يخطبون خلالها في بعضهم البعض ، ويخرجون في نهاية
كل قمة بقرارات متشابهة ومطاطة ، ويرفعون في خنامها بتوصيات كثيرة ، تسيطرة على غالبيتها
العواطف والانفعالات أكثر من الحكمة والعقل ، فلا تمتلك الهمة لحل مشاكل شعوبها ، وعلى
رأسها القضية الفلسطينية، التي عقدت القمة
الأولى بالقاهرة في مايو 1946 من أجلها، والتي منذ ذاك الحين أو قبله بكثير ، لم يُستجب
لتوصيات القمم العربية ،التي لا تُفعل قرارتها ، وتظل القضية الفلسطينية-التي وصفها
الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، بـ "أم القضايا"- وآلاف
القضايا العربية كما هي لا تتغير ، ولا يتغير حال المجتمعين في تلك القمم التي لا تقدم
منجزات فعلية على أرض الواقع، بالرغم من أن عمرها تجاوز 70 عاما، وبلغ عدد القمم المنعقد
خلالها ، 44 قمة ، لم تعرف خلالها المواقف العربية -ومند التأسيس سنة 1945 - إلا التراجع
والتخادل ، الذي لا يُمَكّنُ من حل مشاكل شعوبها العويصة ، و على رأسها كلها القضية
الفلسطينية ، التي بدأ التفاوض بشأنها بالتأكيد على 'عروبة كل أرض فلسطين'، إلى أن
وصول إلى القبول بالتطبيع العربي الإسلامي مع إسرائيل ، وغير ذلك كثير من التراجعات التي عصف بالأمة العربية ، منذ
أن تخلت عن دورها القيادي الإيجابي ، وانغمست في الصراعات الداخلية بين اجنحتها المختلفة
، تاركة الساحة لخصومها الذين خبروا اللعبة السياسية وتحولوا من الدفاع إلى الهجوم ، بينما بقيت هي
-بدافع جهلها – تكرر نفس القرارات والتوصيات في ختام كل قممها دون محاولة تفعيلها ،
وتتوقع النتائج المختلفة ، ما جعلها أوهن أمة عبر التاريخ ، والتي يصدق فيها وعليها
قول الشاعر :
... يا أمة ضحكت من جهلها الأمم.
وكل قمة عربية والعرب في سابع نومة ؟؟