adsense

2021/10/24 - 10:49 ص

بقلم عبد الحي الرايس
إن كانت فكرية روحية مِهْنية غيْرية فأمْعِنْ فيها، والْتَمِسْ ارْتقاءَ مَدارِجِها سعْياً نحو الكمال في التزوُّدِ والعطاء، فهي أنفعُ لك وللناس.
وإن كانت مادية تنْشُدُ تَعْدادَ الموارد، واكتنازَ الذخائر، ومُراكمَةَ المكاسب فاحْترِسْ فإن اللاهث وراءها لا يُشْبِعُ النهم، وإنما يخسر راحته وبَلْهنيَّته، ويبوءُ بالوساوس والمتاعب والنِّقَم.
وصدق من قال: منهومان لا يشبعان: طالبُ علم، وطالبُ مال
وشتَّان بين الاختياريْن
فطالب العلم يستنير ويُنير، يسمو بفكره، ويغتني بكشوفاته وإشراقاته، ويَمْضي باعتدادٍ نحو تحقيق طموحاته، فيستفيد ويُفيد، ويصير مصدر خير وسعادة لنفسه ومحيطه وذويه.
وطالب المال كلما حقق مكسباً تاق إلى تكديس مغانم، وهو في تهافته يصير عُرضة للأرق وتعكُّر المزاج، وينعكس ذلك سلباً على صحته وراحته، غافلا عن أن جوهر رسالته في الحياة ـ كعابر سبيل ـ أن يكون مسؤولاً عن الإسهام في إصلاح الأرض، ونشر القيم، وتخليف خير النشْء، والتزوُّد للحياة الثانية، فهي المآل والقرار.
والطلبُ الأول لا يُلْغِي الثاني، وإنما يقتضي أن يكون على قدر الحاجة، مما يُؤَمِّنُ الكرامة، ويُغني عن الفاقة.
ومن ثَمَّ كان التماسُ العلم والانتفاعُ والنفعُ به لا يعرف السقفَ ولا الحدود، فعائداتُه على الفرد والأسرة والمحيط مَكْسبٌ معلوم.
وكان الاندفاع في طلب المال من غير سقفٍ محدود كثيراً ما يوقع في المحظور، وقد يُغري بالكسب غير المشروع، على حساب صفاء العيش والتوازن المحمود.
فاطلب العلم واستفد منه، وأفِدْ به، تَسْعَدْ وتُسعِدْ، والتمس المال واستعنْ به ولا ترفع السقف عالياً فتتعبْ وتُتْعِبْ.