وقد أشار الدكتور بنعبدلاوي في البداية إلى أن هذا الدرس تكريم للفلسفة وشكل من أشكال عودتها، وهي العودة التي تمناها فاعلة لا خجولة، وذلك نظرا لأهميتها إلى جانب دروس الاجتماعيات في تشكيل الهوية المغربية، مسجلا أنه عندما غابت الفلسفة، تحول التفكير في الهوية إلى نوع من البركة الآسنة والمستنقع الذي لا يتطور مع تطور الفكر الإنساني، وقد حضر خلال هذه الفترة سؤال يعبر عن رؤية قاصرة الأفق والأمل، وهو قيمة الفلسفة ودورها في سوق الشغل؟، متناسين بأن غياب الفلسفة يعني تراجع الفكر النقدي وروح المبادرة والفعل والتأثير ومستوى النقاش بشكل عام، وحتى اللغة تفقد حمولتها وتصبح نوعا من اللغة اليومية المشخصة والمبتعدة عن المجرد، ونكون خلالها أمام تحنيط للهوية، مع ما يعنيه هذا التحنيط من تناقضات لا مع الخارج فقط، ولكن مع ذاتها أيضا، لنصبح أمام أزمة في تعريف الذات، في كيف تقدم الهوية نفسها، وهذه من أحد أهم مبررات عودة الفلسفة.
وخلال هذا الدرس، سلط الدكتور المختار بنعبدلاوي الضوء على مفهوم الكرامة عبر حفريات في اللفظ والدلالات، وتشابكات هذه الدلالات مع الدين والمجتمع والتاريخ، مركزا على تطور المفهوم انطلاقا من تعبيراته في الشعر الجاهلي وصولا إلى المرحلة الإسلامية، ثم الأشكال والدلالات التي أصبح يحيل عليها في العصور الحديثة وصولا إلى تصدير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.