adsense

2018/08/18 - 12:45 م

بقلم الأستاذ حميد طولست
إذا كانت حوادث مخالفة القوانين العديدة ، وحالات انتهاكها الكثيرة الفاقعة ، التي يسقط فيها أبناء الأثرياء والمسؤولين وكل من يقرب لهم بصلة ، تفرض على المجتمع اجتراح العديد من الأسئلة المحير المقرونة بعلامات التعجب بكل أشكالها البسيطة والمحرج ، كالسؤال : هل نحن فعلا في دولة الحق والقانون التي تفرض التساوي في التعامل مع جميع مواطنينها ؟؟
 فإن النماذج الشاخصة لـ"تمياك" الجهات المسؤولة التي يفترض فيها حماية القانون وفرض إحترامه وتطبيقه بين الناس بالعدل والتساوي ، وحالات عدم تحريك أغلبهم ساكنا ازاء ما يتعرض له القانون من انتهاكات فجة مستصغرة للمجتمع ومشعرة إياه بـ"حكرة" عدم مساواته أمام القانون مع الفئات المترفة من أبناء الأثرياء وأبناء المسؤولين ، ممن يطلق عليهم في دارجتنا، "أبناء الفشوش" و"أبناء الذوات" ، لتجعل الناس يصطدمون بجدار الكثير من تلك الأسئلة والتساؤلات الجريئة أمثال :  لماذا نحن وحدنا ، ومن دون أمم وشعوب العالم ، لم نزل لم نحسم أمر تطبيق القانون بالتساوي بين الناس، رغم تنصيص الدستور على ذلك في بنوده و فصوله وخاصة منها فصله السادس الذي يتص على أن : "القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة ، والجميع متساوون أمامه وملزمون بالامتثال إليه" ؟؟ وغيرها من الفصول التي ما برح المسؤولون يرددونها على مسامع المواطنين دون تطبيق ، بدليل كثرة تجاوزات الجسيمة التي لا يطبق فيها القانون إلا نادرا ، والتي تبيّن بما لا يدع مجالا للشك أن المغاربة ليسوا سواسية أمام القانون، وما واقعة حادثة ابنة أحمد اخشيشن، الوزير السابق والرئيس الحالي لجهة مراكش آسفي، والقيادي بحزب الأصالة والمعاصرة، والتي أفرجت عنها النيابة العامة رغم أنها كانت تقود سيارة تابعة للدولة دون توفرها على رخصة سياقة، إلا دليل فاضح يعكس التمييز الصارخ بين فئات المجتمع ، تقدمه مجانا والواقعة التي ليست هي إلا واحدة ضمن وقائع لا تعد ولا تحصى من وقائع تمرد أبناء الفئات المترفة على القانون الذي يعرفه الشارع المغربي ، وقصص الترفع على المجتمع التي ترسختها في أذهان المغاربة، والتي سأذكر بعضها–دون ترتيب تفضيلي-على سبيل المثال لا الحصر لطول اللائحة التي ضمت إلى جانب واقعة حادثة ابنة أحمد اخشيشن، واقعة  ابنة حكيم بنشماس، رئيس مجلس المستشارين والقيادي بحزب الأصالة والمعاصرة والتي استغلت نفوذ والدها وسلطته لحبس مواطن بلجيكي من أصل مغربي لمدة 24 ساعة وترهيب أسرته الصغيرة، بعد حادث مروري عادي في الطريق بالقرب من سوق مارجان كاليفورنيا ، ثم هناك واقعة اعتداء ابن وزير الاتصال السابق، خالد الناصري، والقيادي بحزب التقدم والاشتراكية، بآلة حادة على طبيب مغربي في الشارع العام وأمام البرلمان المغربي ، تاركا إياه ينزف وسط بركة من الدماء، إثر حادث سير عادي وقع بين ابن الوزير والطبيب الشاب قبل أن يتدخل السيد الوزير شخصيا وحضوره إلى عين المكان على متن سيارته الوزارية ليخلص ابنه من الاعتقال ، ومن الوقائع التي كان أبطالها من أبناء الأغنياء والمسؤولين الكبار، قضية ابنة أحد وزراء الأنباء السابق على عهد الحسن الثاني، والتي داست بسيارتها شرطية مرور في قلب الرباط ، وهي تسير في الاتجاه المعاكس ومع ذلك تمتعت بعفو خاص.
كما هو حال  قضية الشاب حمزة الدرهم، التي تحولت إلى قضية رأي عام في البلاد، بعدما تورّط في حادث سير وسط العاصمة الرباط، أدى إلى تضرر عدد من سيارات المواطنين. إلا أن مسؤولين أمنيين عمدوا إلى تزوير محاضر الشرطة من أجل إبعاد التهمة عنه، تماما كما هو حال أحد أبناء أثرياء منطقة صفرو الذي رفضت فتاة الزواج منه، مفضلة عليه جنديّ أحبته ،الأمر الذي أدى  فلم يستسغ ما اعتبرها إهانة له ولجاهه وأمواله، فعمد إلى دهسها  بسيارته، لكنّ الأمن اعتبر الحادثة التي أدت إلى وفاة الشابة خالية من نية القتل.
هذا غيض من فيض من قصص انتهاك أبناء الأثرياء والمسؤولين للقانون وإفلاتهم من العقاب، الذي يشعر المغاربة بأنهم ليسوا سواسية أمام القانون ، وأن هذه العينة فوق القانون، وأختم بالتساؤل التالي : هل ستتغير العقليات قريبا ويلقى كلّ من يرتكب مخالفة عقوبته مهما كان وضعه ومركزه ؟؟ أم أن الأمر سيبقى على ما هو عليه إلى ...؟؟؟