adsense

2020/10/25 - 2:06 م

بقلم الأستاذ حميد طولست

تتبعت قبل أيام المداخلة الهاتفية التي أجرتها "مومنى" -ملكة جمال المغرب- مع الإعلامي المتميز "وائل الإبرشي والتي أديعت عبر برنامج "التاسعة" الذي تبثه قناة الأولى المصرية ، والذي اعتذرت من خلاله للسيدات المصريات الفضلاوات ، اللواتي سبق أن تطاولت عليهن بلسان حاد أصاب نفوسهن بالأذى

بذنب لا يد لهن فيه .

لم يكن إستحسان الكثير من المصريين وأشقائهم المغاربة للمبادرة الإعتذارية ، وحمدهم لشجاعتها الأدبية ، بغض النظر عن دوافعها ، ليشفع "لملكة الجمال" تصحرها الحضاري والأخلاقي وانصرام رصيدها من "تمغربيت" الأصيلة ، الذي كان وراء ما تسبب فيه للقلوب المرهفة والمشاعر الرقيقة الحساسة للكثير من المغاربة ، من عميق الإساءة وعظم الآلام ، بإستعمالها لغة هجينة للتعبير عن اعتذارها، والتي لم تكن بالعربية الفصحى القادرة بكل قيدرة معانيها ومفرداتها وألفاظها على تصوير مشاهد الطبيعة وتمثل خطرات النفوس ، كما لم تكن بالدارجة المغربية الأصيلة المتميزة بثرائها المعجمي، ودقة قدرتها على وصف المواقف والأشياء ، ولم تكن بالهجة المصرية الأكثر انتشارا في معظم البلدان الناطقة باللعربية لخفتها على النفس والأذن ، ولا باللهجة الخليجية البدوية بلكنة ونطقها المميز، وكانت مجرد لغو بدوي متخلف ، حددت به السيدة مومنى ،دون أن تدري ، بناءها الذهني والفكري ومستواها المعرفي والاجتماعي ، وفضحت به ، عن غير قصد ، مصداقية نواياها وصدقية مقاصدها ، الذي زاغ بها عن الهدف المنشود ، وانحرف عن المراد المقصود ، وألزمها إعتذارا آخر لمغربيتها ، قبل الإعتذار للمغاربة ، الذين تخلت عن لهجتهم الوطنية التي يعتزون بها كأهم مقوم من مقومات حياتهم الإجتماعية، والتي ليست مجرد أداة تواصل محايدة ، بقدر ما هي آلية أساسية في تشكل الحيز الكبير من بنيتهم الذهنية والفكرية وجزء عظيم من موروثهم الثقافي والاجتماعي والعقدي والتاريخي والأيدلوجي ، والذي يترتب عليه اختلافهم وتميزهم عن غيرهم من المجتمعات، في طريقة عيشهم ، وأسلوب تفكيرهم وتعبيرهم عن تصوراتهم ومشاعرهم ومقاصدهم ، والذي كان على السيدة مومنى احترامه ، كما تفرض ذلك قوانين وشرف تبوئ عرش مملكة الجمال ، محلية كانت ، أو عالمية ، أو حتى كونية ،الاحترام الذي تتلزمه بأعرافه وقوانينه وشروطه الراغبات في الحصول على درجته ملكة الجمال  ، التي لا يشكل التركيز فيها على مظهر المتنافسات، إلا بنسبة قليلة مقابل تركيزها على  لين الطباع ، وسماحة النفوس ، ونُبل الخصال، و كرم الخِلال ، ورطوبة اللِسان ، إلى جانب رجاحة العقل الذي يجب أن يكون فيهن شعاع مِن نور الحق، و مَدَد مِن الوُد ورَافد من المُسالمة ،  والذي لا يصدر عن صاحباته إلاَّ الخير والبركة ، ولا يُتوقَّع منهن إلاَّ الفضل واليُمن والبِر ، و يُرتقَب في ظِلِّهن الأمن الأمان، فلا  يأتين إلا بما يُحقِّق الصالح العام ،

السلوك الذي لم يُلتمس في تصرف السيدة مومنى التي لم تستطع –مع الأسف -  أن تتمثل دور ملكات الجمال في نشر السلام والود والوءام، بقلب مُفعم بالمحبة للذات والناس جميعهم ، فلم تعط أكثر مما لديها،  وكما يقال : إن أجمل فتاة في العالم لن تعطي إلا ما لديها".

وأختم قولي هذا الذي لم إرد به إساءة ، بالمقولة الشهيرة للفيلسون أفلاطون: "إذا كان الجمال يجذب العيون ، فالأخلاق تملك القلوب" ورب وجه جميل يخفى قلبا شريرا !