adsense

2020/10/31 - 1:23 م

بقلم عبد الحي الرايس

الحكمةُ إِعْمالٌ للفكر، واستفادةٌ من التجارب، بُعْدُ نظر، وتحسُّبٌ للعواقب، تَبْنِي ولا تَهْدِم، تُمْسِكُ البنيان، وتتحكمُ في الوجدان.

تَحْضُرُ عند قومٍ فتُلْهِمُهُمْ صَائِبَ القرار، وتَحُولُ دون التسَرُّع والارْتجال، تبْعثُ على التروِّي وتبصُّرِ مواقع الخُطَى، وقراءةِ ما قد يُسْفِر عنه قرارٌ في حالة انفعال، تُمجِّدُ بني الإنسان، وتحث على اعتبارهم جميعاً سواء.

وتغيبُ عند آخرين فتأسِرُهُم اللحظة، ويَحْكُمُهُمُ المزاج، فيُفْلِتُ من أيديهم الزمام، ويتخبطون في رُدُود الأفعال، ثم يتمادوْن في إصدار القرار تلو القرار.

والإنسانيةُ حَظِيَتْ في بِقاعٍ وفترات، بقادةٍ التمَسُوا الحكمة واستنارُوا بها، فوقتْهُم شرَّ الفتنة ، عَمَّمُوا الإخاءَ والرخاء، وأشاعُوا التسامحَ والوداد، وخلَّفُوا رصيداً يسْمُو بالإنسان، وينشُرُ السلام.

كما ابْتُلِيَتْ في سياقاتٍ أخرى بحاكمين مُتحكِّمين مُنْدَفِعين، يَشنُّون الحروب، ويُمايزون بين الشعوب، تتحكم فيهم الأهواء، ولا يستقرون على حال، فهذا مُواطنٌ تُصَانُ حقوقُه، وذاك مُهاجِرٌ تُدَاسُ كرامتُه، وهذا وطنٌ تُجْلَبُ إليه الخيْرات، وتُؤَمَّنُ فيه الْخِدْمَات، وذاك وطنٌ تُنْهَبُ منه الثروات، وتُضْرَمُ فيه الصراعات.

وواقعُ العصر قلـَّصَ المسافات، طوَّرَ التقنيات، وأشاعَ المُعطيات، وأحالَ العالَمَ إلى قريةٍ صغيرة، وقدَّم الدليل تلو الآخر على إمكانية صَحْوِ الضمائر، وسهولة الاتعاظ والاهتداء، فلو انتفتْ عنه الأطماع، ورُعِيَتْ حقوقُ الإنسان، وساد الاحتكامُ إلى سليم الفطرةِ، ومنطقِ العقل، وصائب الرأي، لَعَمَّ فيه السلامُ، وساد به الوِئَام .