adsense

2020/10/18 - 1:22 م

بقلم عبد الحي الرايس

وما التَّمَاهِي إلا تداخُلُ الماهية، وحلولُ الواحدِ محلَّ الآخر، ومتى تحقق ذلك صار الأنا أنتِ ، وأنتِ الأنا تَواجُدٌ مُسْتمر، ومَوَدَّة خالصة، وإيثارٌ مُتبادَل، ذاكَ ما يَصْنَعُ الأسرة المتماسكة، النواةَ السليمة لبناء المجتمعات الصالحة، بإنجاب صفوة الأبناء، وتنشئةِ خيْرِ الأجيال.

وأنتِ الحليلةُ الرائعة، والأمُّ الحادبة، سيدةُ المجتمع الأولى، مضربُ الأمثال، ومعقدُ الرهان، فضَّلك الرحمان، ومجَّدك خير الأنام، وتغنَّى بك الشاعرُ الصَّدَّاح:

الأمُّ مدرسة إذا أعْددتَها          أعددتَ شعباً طَيِّبَ الأعراق

فكوني وفية لرسالتك، تَسْعدي بأبنائك، ولا يَهْنأ عيْشُ بَعْلِكِ إلا بِك.

والحياةُ في تقلباتها، بعُسْرها ويُسْرها، بصفْوها وقتامتها، بأفراحها وأتراحها، تَعْجِمُ الْعُود، وتَمِيزُ الصَّبُورَ الوَدُود، من اليَؤُوس الْقَنُوط.

وخيرُ النساء من نافستْ ذاتَها في الإسعاد ونُكْران الذات، والتحلي بسامي الأخلاق، والتزيي برائع الهندام، وإبداع أشهى الأطباق، وسابقتْ غيرها في إشاعةِ الحبور، وطمأنةِ النفوس، ورسمِ البسمةِ على الوجوه، فأحالتِ المتاعبَ إلى مباهج، وأجادت التدبير، ودأبت على التيْسير، ولم تتوانَ في التقويم والتخليق، وتوفير أسباب العيش الرغيد، والزهد في القال والقيل، فصارت على الأسرة تاجاً، وللزوج سنداً، وللأبناء عوناً، وللحكمة مَرْجعاً، وللمجتمع مَكْسباً.

سيدتي أنتِ مَعْقِدُ الأمَل في تغيير حال المجتمع، كوني وزيرةً ذاتَ مكانةٍ رفيعة، أو عاملةً أجيرةً بسيطة، أو رَبَّةَ بيتٍ عفيفة، فعطاؤُكِ ونُبْلُكِ، وتفانيكِ وسُمُوُّ رُوحِك، هي من تُخوِّلُكِ التَّمَاهي، وتُبَوِّئُكِ الْمَقامَ الْعَالِي.