adsense

2017/04/13 - 12:21 م


بقلم الأستاذ حميد طولست


هل السفر تفريج هم، أم اغتراب وفقد أحبة؟
أعرف أن ما سأكتبه اليوم قد يبدو للكثيرين غريبا وصادما، ولكنه الحقيقة التي لا يمكنني التمرد عليها، والمتمثلة في ازدواجية الشعور بكره السفر  ومحبته في نفس الآن، الغريب فيه هو أن الرغبة الكاسحة في السفر ممزوجة عندي بالرهاب العارم منه، مشكلة أعيشها منذ زمن بعيد ، ولا أعرف سبب الحالة الانفعالية المعقدة التي أشعر كلما فكرت في السفر ، ولو لمكان قريبة ، حيث يداهمني القلق المفرط والخوف المرعب اللاعقلاني ، تزيد ضراوتها كلما اقترب موعد السفر، وحان تجهيز حقائب الاغتراب عن الديار، فأشعر بالتردد والإحباط والعجز واليأس والاضطراب، ويتشتت تفكيري، وتتنتصر أفكاري ، وأفقد الإحساس بالأمان وكأني مقبل على حرب نووية بلا سلاح ، فتغرق نفسي في طوفان من الحزن والأسى ويشحب وجهي، وأصاب بالرُعاش، والنزوع نحو التقيؤ، والتبول، وتدمر كل إمكاناتي على الصمود والاستقرار إلى درجة لا أستطيع معها السيطرة على مشاعري؛ إحترت في إيجاد تفسير لكرهي للسفر رغم حبي الكبير للتنقل وعشقي العارم للاستمتاع بزيارة البلدان، والتعرف على تاريخ الدول والترفه في مناطقها السياحية، وإيماني القاطع بأن "تبدال المنازل راحة" وأن "اللي ما جال ما عرف حق الرجال" والبلدان.
إنها حالة انفعالية معقدة، ومفارقة غريبة لامنطقية مصحوبة بالتوتر والخوف والتحفز ،  وشعور غامض غير مفهوم، أعيشه كلما فكرت ، مجرد التفكير ،في السفر، يتحول السفر إلى كابوس وقطعة من العذاب،  وأبدأ بتوقع الخطر والسوء وحدوث كل الشرور والحوادث المستطيرة، بالرغم من تطور وسائل النقل وتوفر الفنادق وأماكن الإقامة المريحة والمطاعم والمدن الترفيهية والمطارات الخيالية، ورغم ما يتيحه السفر من فوائد جمة ، رغم إني أجهل أسباب ما يعتريني من تشاءم كلما هممت بالسفر ، فإني  متيقن ، وأحمد الله على ذلك، أن ما اعيشه ، هو حالة وقتية تتبدد مع مرور الوقت، ويتراجع النوبة الخوف وتنتهي نهائيا بمجرد الإقدام على السفر ، وربما لست الوحيد في هذه الحالة وذاك الشعور الذي ليس كله سوء وشر  وله حلاوته ومتعته ..