adsense

2017/04/27 - 3:28 م



بقلم الأستاذ حميد طولست


من بين الملاحظات التي لفتت نظري في المشهد السياسي الفرنسي خلال الانتخابات الرئاسية ، أن فرنسا سيحكمها الشباب، ممثلا بمرشحي الوسطي المستقل إيمانويل ماكرون صاحب 39 سنة، الذي يعتبر اصغر رئيس فرنسي منذ نابليون ، ومادام ماري لوبان مرشحة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف ، ذات 48 عاما الفائزين في الدورة الأولى من بين 11 متنافسا على خدمة فرنسا والفرنسيين ، والذين كان من بينهم الحزبين العتيدين حزب اليمين وحزب الاشتراكيين ، اللذان لم يصل أي منهما للجولة الثانية .
ومن أطرف الملاحظات التي وقفت عليها في هذه المعمعة الديمقراطية ، التي تجاوز فيها الفرنسيون  - كما كل الدول المتقدمة - مسألة حكم المرأة إلى الأصلح ومن يخدم مجتمعهم بطريقة أحسن وأفضل ، رجلا كان أو امرأة ، رافضين " فيون " الذي لم يستطع الفوز في الدور الأول ، رغم ماضيه وتجربته العتيدة ، لمجرد إشاعات حول فضائح مالية  لولاها لكان من المحتمل ان يكون هو الرئيس القادم ، لأنهم في المجتمعات المتقدمة لا قبلون بالفاسدين ، وأن الفساد لديهم خط أحمر ولو كان مجرد إشاعة ، وأن الصدق والتفاني في خدمة المجتمع ، والحرص على أن تبقى مصالح المجتمع الفرنسي هي العليا، وفرنسا فوق الجميع وقبل الجميع ، هي السبيل الوحيد للنجاح والفوز ، فإن العالم كله أهتم بالحث والتحليل في برامج الرئيسين النمحتملين للجمهورية الفرنسية ، إيمانويل ماكرون وماري لوبن ومواقفهما السياسية ، وبرنامجهما الاقتصادي،  وخططهما الرئاسية وخياراتهما البديلة حول الإنذارات المتشائمة التي يروجها اليمين المتطرف بشأن بناء البيت الأوروبي الموحد ، وفرضية الانسحاب من الاتحاد الاوربي ، ومسألة فرض الرقابة القوية على المساجد و الخطب الدينية التي تلقى فيها ، والتهديد باغلاق حدود فرنسا في وجه المهاجرين الجدد ، في حال أصبح أحدهما رئيسا لفرنسا ..
إلا العرب الذين لم يغريهم في القصة سوى الجانب النسائي، ولم يهتموا إلا بالحياة الشخصية للسيدة "بريجيت ترونيو" ، المرأة التي يُتوقع أن تصبح سيدة فرنسا الأولى، إذا فاز زوجها بالرئاسة في الدورة الثانية ، وزاد اهتمام العرب بحياتها الزوجية لما علموا أنها تكبر زوجها بـ25 عامًا  ، واشتد إهتمامهم بها لما عرفوا أنها كانت معلمته لمادة المسرح وهو في سن الخامسة عشرة ، فتصدوا لماضيها –المعلوم والعادي عند الفرنسيين-بالنبش والتشريح ، وقوموا قوامها ، وقيموا جمالها ، وبحثوا أسباب زواجها بتلميذها  ، وذهب خيالهم الخصب ، بعيدا كعادتهم في أمور النميمة ، فإختلقوا قصص حب وعشق غريبة ، حول أسباب ارتباط امرأة متقدمة في السن بشاب أصغر من أحد أبنائها ، بسيناروهات الأفلام الهندية التي يعشقونها ، ولم يكتفي بعض النبهاء من المحللين السياسيين وأصحاب المواقع الاجتماعية ، بكل ذلك التدخل السافر في حياة المرأة ، فتحولوا بقدرة تأثير خيالاتهم الخربة ، إلى علماء نفس يحللون ارتباط رئيس فرنسا المحتمل بزوجته المتقدمة في السن ، وارجاع ذلك إلى مرحلة الطفولة، ونزعته احتياج الطفل إلى نصائح والدته والتي ربما لم يحضى بالقدر الكافي منها أو لم يخصص له ما يشبع رغباته من ذلك ويكافيه عقدته ، ما وجده في معلمته بدلا من أمه ، وغير ذلك من الترهات التي تملأ العقل العربي الذكوري المريض، تماما كما فعلوا قبل شهور مع زوجة ترامب و ابنته ، بدل الاهتمام بمصير العرب في خضم ما يعرفه العالم من تطور وتبدل خطير..