بقلم الأستاذ حميد طولست
في ليلة كروية ستُحفظ في ذاكرة الكرة
العالمية، خطّ الحارس المغربي ياسين بونو صفحةً جديدة في سجل إنجازات الكرة
العربية، حين كان حجر الزاوية في فوز نادي الهلال السعودي على مانشستر سيتي
الإنجليزي، وصعود الفريق لأول مرة إلى ربع نهائي كأس العالم للأندية.
لم يكن هذا الفوز مجرد انتصار رياضي،
بل كان إعلانًا رمزيًا عن "فتحٍ جديد" تقوده الكفاءة المغربية داخل
الفرق العربية. فتحٌ لا يحمل سيفًا ولا راية، بل يرتدي القفاز ويقف بين عارضتين،
يتصدى للكرات ويصنع التاريخ.
بونو: الحارس الذي لا يصدّ الكرات فقط،
بل يصنع المجد
في المباراة التي حُسمت على وقع تصديات
أسطورية، كان بونو السدّ المنيع أمام عمالقة مانشستر سيتي، في ظل ارتباك دفاعي كاد
أن يُغرق الهلال لولا يقظته وخبرته. المدرب إنزاغي لم يُخفِ مشاعره بعد اللقاء،
قائلاً:
"أنا أملك حارسًا عظيمًا جدًا.
إنه ياسين بونو. لقد أنقذنا من الهزيمة بأعجوبة. نحن مدينون له، وعلى جميع لاعبي
الهلال أن يقبلوا رأسه."
تصريحات إنزاغي لم تكن مجاملة عابرة،
بل وصف دقيق لمساهمة بونو الجوهرية في هذا الإنجاز، في وقتٍ لم يكن فيه الفريق في
أفضل حالاته دفاعيًا، لكنه امتلك "جدارًا بشريًا" اسمه ياسين.
الكرة العربية... تفتح بوابات العالمية
بالأيادي المغربية
حين فاز الهلال، لم يكن فريقًا سعوديًا
فقط، بل كان ممثلاً للعرب أجمعين. لكن الفضل الأكبر في هذا العبور التاريخي يعود
لحارس من أصول مغربية، جعل من البطولة العالمية مسرحًا للموهبة القادمة من جبال
الأطلس، المُشبعة بقيم العناد والالتزام والانضباط.
إنه الفتح الجديد في الكرة العربية:
فتحٌ لا يُقصي أحدًا، بل يُضيف للهوية العربية بُعدًا ثقافيًا وإنسانيًا من خلال
الإسهام المغربي في قمة الإنجاز الرياضي.
بونو… أبعد من الرياضة
ما يميز بونو ليس فقط تألقه في
المستطيل الأخضر، بل أثره خارج الملعب أيضًا. فقد غيّر الحارس المغربي في السنوات
الأخيرة الصورة النمطية عن اللاعب العربي، وجسّد في أدائه وسلوكه نموذجًا للرياضي
الذي يجمع بين الحرفية العالية والوعي الثقافي والالتزام الوطني.
من خلال تمثيله المشرف للمنتخب
المغربي، ثم لنادي الهلال، ساهم في تعزيز الفخر الوطني والثقة بالقدرة على التنافس
في أعلى المستويات. أصبح مصدر إلهامٍ للشباب المغربي والعربي، ورسالة واضحة بأن
الاحتراف والانضباط والعمل الجاد هي مفاتيح المجد.
تصدي للتاريخ
لا يمكن الحديث عن إنجاز الهلال دون
التوقف عند التصدي الأسطوري لبونو في الدقائق الحاسمة، والذي سيكون علامة فارقة في
تاريخ كأس العالم للأندية. كانت تلك اللحظة كافية لتعيد رسم مسار المباراة، وتعطي
للفريق العربي الأمل والثقة.
من جبال الأطلس إلى قلوب الملايين
لم يكن بونو، مجرد حارس مرمى في ليلة
الهلال، بل كان رسولًا للأمل، وبطلاً حمل الكرة العربية إلى مصاف غير مسبوق، بمزيج
من الاحترافية والهوية والكرامة الرياضية.
وإن كانت الأندية الأوروبية تتباهى بنجومها، فإن الهلال – ومن ورائه العرب – يحق لهم اليوم أن يفخروا بالحارس المغربي الذي لم يُغلق فقط مرماه، بل فتح بابًا جديدًا من المجد.