adsense

2020/05/11 - 7:19 م

بقلم عبدالحي الرايس
هَلْ كان لزاماً أن يجتاحَ الْمَعْمُورَ الوباء، حتى تصْفُوَ الأجواء، وتصْحُوَ الألباب؟ !
انْدفعَ الإنسانُ في التصنيع تقوية للإنتاج، ومُراكمة للأرباح، وتَمَادى في التنقل الجوي والبري والمائي عبر البحار والأنهار مُعتمداً الوقودَ الأحفوري بِوتيرَةٍ تتزايد، وحظيرةٍ تتضاعف، وقادهُ الغرورُ إلى إذكاء الحروب، وتركيع الشعوب، استمْرأ طيَّ المسافات، والتنقل بين القارات، مُتحكماً في الرقاب، نَاهِباً الثروات، غير مُبالٍ بِالتَّبِعَات.
وفي غفلةٍ من النافذين المُتحكِّمين ارتفعتْ حرارة الأرض واتسعَ ثقبُ الأوزون وتلاحقتِ الأعاصيرُ والسيول مُنذرة بانقراض الكائنات، مُهدِّدة بانتهاءِ دوْرةِ الحياة.
تتالت إنذارَاتُ العلماء، وتبنَّتْ قِممُ الأرض تقاريرَ الخبراء، فاستجاب البعضُ وتصامَمَ الأقوياء، وأباحُوا الإمعانَ في كل ما يُلوِّثُ الأجواء، ويُهدِّدُ توازنَ الأرض ومَصيرَ الإنسان، وظلَّ الرهانُ احتواءَ ارتفاع حرارة الأرض بما يَقِلُّ عن درجتيْن في أفق سقفِ ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين فوق ما كانت عليه قبل الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر.
حلَّ وباءُ كوفيد 19 مع نهاياتِ 2019 فحصد الأرواح، وألْزَمَ الكثيرين بُيُوتَهُم، وأرْغَم المُكابرين على تعطيل تشغيل المصانع، وإيقاف حركة التنقل.
وفي فترةٍ وجيزة، وأشهُرٍ معدُودة تجلَّتِ الانعكاساتُ تعافياً بِيئياً على أكثرَ من مُستوى:
انْسِدادٌ في ثقب الأوزون، وتقلُّصٌ في الانبعاثات، وتراجعٌ في نسبة تلوث الأجواء، وانحسارٌ في حدة التلوث السمعي، وتحسُّنٌ في صفاءِ المياه، وعَوْدةِ النَّضَارَةِ إلى الطبيعة، والدَّعَةِ والطمانينةِ إلى كثيرٍ من الكائناتِ البرية.
وبَدَا واضحاً أن على الإنسان أن يُقلِّبَ وجهَهُ في السماء، ليستخْلصَ الدروسَ والْعِبَر، ويُعيدَ النظر في أنظمةِ التصنيع والإنتاج، وأنماطِ الحياة، وأساليبِ التدبير، وتقاليد التواصل، ونماذجِ الاستهلاك، ليُراهِنَ على جعلِ البيئةِ والإنسان في بُؤْرة الاهتمام، وتوظيفِ ما لديْه من طاقاتِ الخلق والإبداع في إحلال الطاقة المتجددة مَحلَّ الأحْفورية، وفي اعتماد النقل الأخضر، ودعمِ الاقتصادِ الأخضر، وترشيدِ الاستهلاك، وتعميمِ البناية الإيكولوجية، وترجيحِ السياحة الداخليةِ على الخارجية.
ونَخْلُصُ إلى القول:
إن في تعميم استخدام الطاقة المتجددة تعافياً للكوكب الأزرق، وفي سلامته استمراراً للحياة.
وإن في بناءِ الإنسان واستثمارِ كفاءته وعبقريته تسريعاً للتنمية، وحصانةً من الأوْبئة، وتحقيقاً للسلام.
فهل يتعظ الإنسان؟ ويعمل على التصالح مع ذاته ومحيطه، ليُصححَ أخطاءَه، ويتداركَ ما فاته؟
نَرْجُو ذلك مُخْلِصين آمِلِين....