adsense

2020/05/18 - 6:55 م

بقلم عبد الحي الرايس
كُلُّ الدول المتقدمة، أو التي حققت طفْرتَها وانْبِعاثها، ولوْ من غير ثرَوَاتٍ باطنيةٍ ولا بَحْرية، أعْلنتْ أنها إنَّما راهنتْ على الاستثمار في التعليم، وتأهيل الإنسان، فصار لها بين الأمم شأن أي شان، وحققتْ ما لم يَكُنْ في الْحُسْبَان.
ولإقامة الدليل على ذلك، يكفي استعراضُ نماذجَ لهذه وتلك للتأكد من صحة المقولة، ووجاهة التجربة
 فالعالم كما يقال قرية صغيرة، وفي إطار الاعتبار والاستلهام ينبثق السؤال: كيف يَتَأتَّى ذلك ؟
حين نقولُ : التعليم أوَّلا، فالمُعلمُ نقطة الانطلاق وهو الْعِمَادُ، بتسمياته ومَوَاقِعِهِ المُختلفة: الْمُرَبِّية في الرَّوْض، والمُعلم في الصفوف الابتدائية، والأستاذ في الثانويات الإعدادية والتأهيلية، والأستاذ الباحث في المؤسسات الجامعية، والإطارُ في الوزارة والإدارة والمراقبة التربوية، تتعددُ الأدوارُ والتسْميات، ولكنَّ الرسالةَ الساميةَ والنبيلةَ واحدة.
وحين نختارُ أن نُصحح المسار، ونحددَ الاختيار، فينبغي أن نمسح الطاولة، ونُعلنَ عن مَنْح التعليم والمعلم السَّبْقَ والأوْلوية.
آنذاك سيصير للمعلم الموقعُ الرفيع، والأجْرُ الوفير، مقرونان بالانتقاء العسير، وتأهيلِ الخبير، والإسهامِ الكبير، والتكوينِ المسْتديم.
وسيصير للبلد مدرستُه الوطنية العمومية التي لا يُسْتثنى من الالتحاق والإلحاق بها طفلٌ ولا طفلة في سِنِّ التمدرس، أياً كان الترتيبُ في السُّلَّمِ الاجتماعي، أو الحضورُ على الموقع الجغرافي، فليس يُدْرَى أين يَكْمُنُ النبوغ، ومن يَحْمِلُ سِرَّ العبقرية.
وحين تتحركُ عجلة التعليم المُسْتوعِب لأصول التربية، والمستنير بالخبرة النفسية، والمُعْتدِّ بتكافؤ الفُرَص، ومراعاة الفوارق الفردية، فلا شك أنه سيقودُ إلى اكتشاف القابليات، ورعايةِ التميُّز، ويُسْفِرُ عن تمكين كُلٍّ من استثمار مؤهلاته، وتحقيق ذاته.
ويبقى بعد ذلك دَوْرُ النزاهة في إلحاق كلّّ بمجال اختصاصه، وإغرائِه بالاستقرار في وطنه، والإسهام في تنميته ، والرفع من شأنه.
أما مصادرُ تمْويل ذلك، فبعضٌ من عائدات البلاد، وضريبةٌ على الثروة، واقتطاعاتٌ من أجور ذوي الدخْل العالي، وإسهاماتٌ في صندوق التنمية من المواطن العادي.
فمَنْ من الناس يتخلَّفُ عن الدعم والإمداد، إذا تأكدت نزاهة القصْد، وصدْقُ التوجُّهِ لِبُلوغِ الْمُراد.