adsense

2020/05/14 - 3:14 ص

بقلم عبد الحي الرايس
مضى زمنٌ كان هاجسَ المعلم فيه إيصالُ المعلومات ، وهَمَّ المتعلم تحصيلُها للإدلاء بها عند الامتحان، فإذا سُئل خارجها، أو طُلِبَ إليه توظيفُها، أو التفاعلُ معها لم يَحِرْ جواباً، لأنه لا يَعْدُو أن يكون إناءً يفيض بما امتلأ به عند التحصيل.
وفي سياقٍ كهذا يَحق للمسؤول عن التعليم أن يَرْهَنَ التقييمَ بمدى الحضور وحِصَص التدريس، وتظلُّ النتيجة دَوْماً وقوفاً عند حدود ما جاد به المعلم، وما تضمنه دفترُ الصف أو الكتابُ المدرسي، وكل ذلك لا يُحَرِّرُ التلميذ من افتقارٍ إلى التلقِّي، ولا يَنقلُه من تعليمٍ إلى تعَلُّم، ولا يُقْدِرُهُ على تجاوُز ما حصَّل إلى توظيفِ ما اكتسب.
وتَجِدُ المتعلمَ وهو يتدرَّجُ في مراحل التعليم لا ينطلِقُ في قراءة، ولا يُجيدُ تعبيراً، لا يمتلك لغة، ولا يُتْقِنُ عَدّاً، ولا يُحَصِّلُ مهارة.
هذا لا ينفي أن ثمة مُصطلحاتٍ وتوجيهاتٍ تَزْخرُ بها مذكراتُ ومرجعياتُ منهجيةِ وطرائِقِ التدريس، ولكنَّ العِبْرة بِرَجْع الصدى في ما يتحققُ على أرض الواقع من اكتسابِ المهارات، وتحصيل الكفايات التي يُمْكِنُ قياسُها خارج إطار تسجيل الحضور، ومُستوى التحصيل.
ولو تمَّ الأخذُ بذلك لاستمرَّ التوجيهُ إلى مواصلة التعلُّم عن بُعْدٍ في جميع المراحل والمستويات، ليكونَ الاختبارُ في الكفاياتِ الْمُنْبِئَةِ عن تَمَرُّسٍ بمهارة، وقُدْرَةٍ على توظيفِ خبرة، خاصة وأن هاجسَ التقييم يظلُّ عند المتعلمين باعثاً على الانضباطِ والالتزام، فإذا انتفى ساقَ الكثيرين إلى التراخي والإهمال.
وحتى يَالَفَ التلاميذُ الاستفادةَ من التعلُّم عن بُعد، والتفاعلَ مع فرصه وعطاءاته، كان حريّاً الإبقاءُ على محطة التقييم عند بداية الموسم الدراسي الموالي باعثاً على التمرُّس بالمهارات، وتحصيلِ الكفايات.
وفي ذلك تحقيقٌ للهدفِ الأسْمَى من التعليم، وهو التأهيلُ للحياة، والاِرْتقاءُ به من تعليمٍ إلى تعلُّم، ومن مُجرَّدِ استيعابٍ واستظهار، إلى توظيفٍ واسْتثمار.