adsense

2018/06/28 - 11:17 م

بقلم يونس أوعمر
حديث إقصاء التراث الأمازيغي من مهرجان حب الملوك بعد حضور وازن طيلة ثمانية وتسعين سنة..ليس حديث عرق أو جزء من الوطن يدافع عن تراث يعنيه هو وحده ..بقدر ما هو حديث فكر إقصائي وجهل بأبجديات الهوية ..الهوية المغربية التي تحوي روافد عدة دون أن تقبل بإقصاء أي رافد كائنا ما كان حجمه !
هو ليس بحديث تاريخ يبحث عن أصل شجرة حب الملوك في منطقة أطلس تبدأ من صفرو ولا تنتهي في عين اللوح .. ولا هو بحديث جغرافيا  يبحث عن حدود الأعراق داخل الوطن الواحد..لكنه حديث تربية وطنية ربما لم يحضرها الإستئصاليون ..وقبل كل هذا وَذاك مكمن سؤال ضخم حول موقف إيديولوجية تحكم باسم الديموقراطية من تراث مغربي أمازيغي ممتد منذآلاف السنين ..
حديث ساكنة أطلس منسي بسيطة..مواطنين يصرون على الفرح والإحتفال في كل مناسبة رغم ظروف عيشهم الصعبة داخل مداشر تفتقر لأدنى متطلبات العيش الحضاري من بنية تحتية ومستشفيات !
 قبل ظهور البيجيديين ههنا ومنذ عقود خلت، دأبت ساكنة الأطلس على شد الرحال إلى مدينة صفرو لحضور "الفوشطة" أو "الفيشطة"  كما كان يحلو لهم تسميتها..بحثا عن أجواء من الفرجة والفرح التي ترافق مهرجان حب الملوك: من موكب مرور ملكة الجمال إلى الرقصات الفلكلورية -أحيدوس التي كانت تؤثث مظاهر الإحتفال في ارتباط وثيق لمدينة صفرو بتاريخها وبمنطقة جبال تحتضنها . كل القبائل التي كانت تحج من عين الشگاگ ومرموشة وايموزار كندر وإحناجن والعنوصر وتاهلة(...) لم تكن تكلف المنظمين المتعاقبين منذ قرن من الزمان الشيء الكثير !
كان يكفيها أن تنصب خيامها وتطلع للمنصة بأزيائها خالقة جوا من البهجة لآلاف حضروا يرددون ورائها أهازيج وأشعار أبى أن يطويها الزمن ..
بأي حق يمنع البيجيديون هذا التراث في أول فرصة يحكمون فيها المدينة ؟
بأي حق يعزلونه عن مهرجان حب الملوك الذي كان حاضرا فيه منذ القدم !
إن لم يكن ذاك تصريفا لموقف أصولي واضح من الأمازيغية ، فكيف نفسر  تغييب نشاط واحد للفلكلور الأمازيغي طيلة أيام المهرجان !
لو كان الهدف تقليص عدد المنصات لمنصة وحيدة، لأحضروا على الأقل  نشاطا واحدا إلى جانب  حاتم عمور والعروسي..
لو كان الهدف تخفيض ميزانية السهرات ، لغطت ميزانية مطرب واحد كعمور أو سامي راي مستحقات عشرات من شباب مداشر الأطلس المنتظمين في فرق فلكلورية..
لو كان القرار إلغاء المهرجان بشكل تام وتخصيص ميزانيته للتنمية المحلية ، لصفقوا له واعتبرناه خطوة برغماتية تستحق التنويه..لكن إلغاء فقرات تراث معين..وصرف ميزانيات ضخمة على سهرات الحك والجر فعل يأبى أن يطرح السؤال حول أفكار البيجيديين الساكنة بفعل مبدإ التقية !
لكن الإقصاء الممنهج ، يأبى إلا أن يظهر جليا  في قفزة أصولية أخرى في الخواء.. دون أدنى مراعاة لأثر ذلك على مشاعر جزء مهم من ساكنة المنطقة ..دون وجه حق !
كنّا نتمنى أن يقتصر الإحتفال على الفرق المحلية  دعما لشباب  الإقليم ولتراث المنطقة ( الفرق الشعبية المحلية - الزجل اليازغي - الفلكلور الأمازيغي... ) بشكل  يخلق نواة فنية محلية تدعم برامج السياحية الداخلية وتخلق سفراء جددا للمنطقة ..كنت أتمنى أن أرى فنانا كجمال الكتامي وفرقا شبابية من المدينة دونما حاجة لصرف تلك الميزانيات الضخمة في مدينة تحكمها البطالة ! لكن البيجيديين الذين خيبوا آمالنا في كل  القضايا التي تشغل بال الساكنة منذ وصولهم ، أبوا إلا أن يظلوا لنهج العبث أوفياء..
يمكنك أن لا تعلق على نكتة المدينة الذكية، إيمانا منك أن  إسناد الأمور إلى غير أهلها سبب كاف لخلق جو عام من العبث..يمكنك أن تكفر بكل شعارات ربط المسؤولية بالمحاسبة دون أن يستفزك   الصمت الرسمي عن خروقات مهزلة كرز..يمكنك أن تضحك على واقع كوميدي يلجأ فيه الحاكمون الجدد إلى الزراعة والحرث في أرض مخصصة لحل مشكلة النفايات..
يمكنك أن تشاهد كل هذا وذاك في صمت يسأل الخالق  اللطف في قضاء لا رد له..دون أن يكل  العابثون أو يملوا من خلق بؤر توتر لا تنتهي !
لكنه لا يمكنك البتة أن لا تذكر سادة البلدية وحكامها بلحيهم وطرابيشهم ..
أن الأمازيغية لم تكن يوما  دخيلة حتى تقصوها .. بل أنتم بفكركم الإستئصالي هذا الدخلاء!
ستعود هي بتراثها لتشارك الساكنة بكل أطيافها  احتفالاتهم، وتخرجون أنتم ..ذلك هو تاريخ هذه الأرض أفلا تعقلون !