adsense

2020/04/13 - 1:11 م

بقلم عبد الحي الرايس
إنه وباءٌ خطير، يَخْنُقُ الأنفاس، يُوصِدُ الأبواب، يُبدِّدُ الأحلام، ويُزهِقُ الأرواح، يَسْخَرُ من السَّامِي والدَّانِي ويَهْمِسُ للمُسْتغيث والرَّاقي، ما أضْعفَ المرْءَ الطاغِي يَحْسَبُ أنه امْتلك العالَمَ الفاني، وأنَّ بِيَدِهِ تسْخِيرَ الأقاصي
ثم ينْسحبُ الوباءُ في هدوء، يتحرَّرُ الإنسانُ من أسْرِه، ولا يكادُ يعودُ إلى دأبه ، حتى يُطالعَهُ الربيعُ بِسِحره يزْهو، وطيره يشْدو، وغديره يصْفو، ونسيمه يرق ويسْمو، ويَفْجَؤُه الكونُ من حوله يَسْلَمُ وينْجو، عَلَّ ضميرَه يصْحُو، فتكون الأوبة إلى الذات، والتدارك فيما هو آت، فلطالما رَدَّدَ في حَجْرِهِ: هيْهات هيهات، فاتَ الوقتُ فات.
عِبَرُ الكَوْن شتَّى، والعاقلُ من اعتبر، استخلص الحكمة واستنار، وقرر تصحيح المسار
تُرى ! هل يَعُمُّ الأرضَ بعد الوباء السلام؟ يُلْقَى فيها بالسلاح لِيُعوَّضَ بالْغِذاء، تُفتَحُ الحدودُ ويَعُمُّ الرخاء، تصفو الأجواءُ وتزدادُ الأرزاق، تتهذب الطباع وتتحسن الأخلاق، وتتبارى العقول في الإنتاج والإبداع.
هي أمانيُّ غرَّارة عند من عَمِيَتْ أبصارُهم وجُبِلُوا على الشر والاستعلاء، وإذكاء الحروب والصراع، ولكنها واعدة عند من أُلْهِمُوا صفاءَ الطوية وبُعْدَ النظر، فأقبلوا على بعضهم مُتساندين، وفي مِضْمار الخير مُتنافسين، عَمَّمُوا الإحسان، وَعُنُوا بالإنسان، وبَوَّؤوهُ مكانة تسْمُو على الاستثمار والبُنيان، فمكَّنُوه من العطاء، واستثمروا فيه سُمو الخيال وطاقة الإبداع.
فإياهم نَعْنِي، وعلى مَحجَّتِهم نَسير، فهم ذوُو الفكر السامي، والاختيار الواعي، والقرار المُتبصِّر الهادي.
ولا سبيلَ ثالثَ بعد الْحَجْر والانْجِحَار، فإما إمعانٌ في نمطية الاختيار، وإما صَحْوَةٌ وتصحيحُ مَسَار.....