adsense

2020/05/12 - 6:29 م

بقلم عبدالحي الرايس
مع أوَّل رصْدٍ لحلول الجائحة، حققنا سَبْقاً في إغلاق الحدود، وإيقاف توافد الحاملين المحتملين للوباء، ولاحقنا التدابير الاحترازية فعطلنا العديد من المؤسسات والمصانع والمواصلات، وأحدثنا التشريعات الكفيلة بالحد من تفشي التفاقم والانتشار، وكانت المبادرة إلى إحداث صندوق الدعم لمواجهة الجائحة، مُعزَّزاً بمبادرات اجتماعية متساندة متكافلة، شغَّلنا آليات التعليم والعمل عن بعد، ووظفنا الإعلام في الرصد والإحصاء، والتحسيس والإنذار.
وكلها تدابيرُ استباقية حازمة أُرِيدَ لها أن تكونَ حاسمة.
غير أن واقع المشافي وتجهيزاتها، والخصاص في تأطيرها، وارتفاع نسبة العطالة والفقر والأمية، وحال المواطنين العالقين خارج التراب الوطني وداخله، وإحصائيات حالات الإصابة التي تراوحُ مكانها ولا تَعِدُ بانفراج، كل ذلك أوْقَعَنَا في حَيْصَ بَيْص، وصِرْنا نُمدِّدُ فترة الْحَجْر كمَنْ احْتمى بِمَخْبَإٍ في انتظار هدوء العاصفة، لولا أن العاصفة لا تلبثُ أن يعقبها سكون، بيد أن الجائحة مُتجددة مُتوعدة مُمتدة إلى مِيقاتٍ غيرِ مَعْلُوم، فما العمل؟
التسويفُ والإرجاءُ هروبٌ إلى الأمام، يُطيلُ الانتظار، يُوَطِّنُ الدَّاء، ولن يَحُلَّ الإشكال..
ومغربُ ما بعد الجائحة ينبغي أن نُباشر صُنعه وأجْرأته من الآن:
ـ تعبئة وطنية يكون في طليعتها الْمُثرُون والنافذون في مواقع التدبير والقرار يُعطون المثال بالإعلان عن الإسْهام المُنتظِم الملمُوس، والزهد في جني مكاسب الريع، وامتيازات المواقع، وتجاوب باقي المنتجين والمستثمرين والفاعلين، بنزعة من الإيثار، وحس وطني في مستوى عال، يكف عن الانبهار بالآخر، ويَزْهَدُ في الهجرة والاندفاع في التَّجْوال والاغتراب، ويُقبل على رصيد البلاد من تراث وخيرات، يشجع على الانتفاع بها، ويُغري بالتنقل والسياحة في ربوعها.
ـ وإصلاحات تنطلق ولا تنتظر في المستشفيات والمؤسسات، وشتى المرافق والمنشآت.
ـ واختيارات يُعاد فيها النظر:
ـ تعطي الأولوية لاستثمار الثروة البشرية قبل المادية، حتى تصير في مستوى الإنتاج والخلق والابتكار.
ـ تتراجع عن الاستلاب والتبعية، تؤكد السيادة وتصون الْهُوِيَّة الوطنية، منفتحة على العصر، ومتجددة في أصالتها، حفاظاً على سماتها الحضارية.
وبعد:
فاستمرار الحال على ما كان عليه لن يصنع التغيير، ولن يُقدم البديل
وليست ثمة حلولٌ تتعدد، ولا مجالَ لمُعاودة التأرجح بين تجاربَ عاثرةٍ تتكرَّر
إنما الحل الأنسب، والاختيارُ الأمثل رَفْعُ التحدِّي:
ـ بإعلان التعبئة الشاملة لتأهيل الإنسان بكل المقومات والمرجعيات الكفيلة باستثمار الثروة البشرية بكل قابلياتها وطاقاتها المنتجة، والخلاقة المبدعة، في إطار من التكافؤ والعدالة والكرامة.
ـ وتسريع عجلة بناء البلاد في جميع المجالات، وعلى مستوى مختلف الجهات، بما يكفل تحقيق الازدهار، وتحسينَ مستوى دخل الفرد، وارتقاءَ سُلَّمِ التنمية.