adsense

2020/03/17 - 10:15 م

بقلم عبد الحي الرايس
جائحة "كورونا" أثارتِ الْهَلَع، رَوَّعَتِ العالم، عزلت الأقطارَ بعضَها عن بعض، وعصَفتْ بحياة كثير من الناس ـ عند مستهل عشرينيات الألفية الثالثة ـ رغم اجتهادِ الكشوفات الطبية، وتقدُّمِ الأبحاث العلمية، وهي على خطورتها ستمضي كما مضى غيرُها من الكوارث والجوائح، فهي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.
إنها ضارة بالفعل، ولكنها تحمل في طياتها نفعاً كبيراً للإنسانية، لأنها أثارت الانتباه إلى أخطاء عديدة في الممارساتِ بين الناس ومع الأشياء، لذلك ينبغي تثبيتُ الوعي واستخلاصُ الْعِبْرَة، واستدامةُ اليقظة.
فقد دأب الكثيرون على التصافح والعناق عند اللقاء، وملامسة الأزرار والأشياء دون استشعار ما يترتب عن ذلك من أخطار، فانتقلت الجراثيم، وتسببت في انتشار العديد من الأوبئة والأمراض.
تفطَّن إلى ذلك المنتظمُ الدولي في مؤتمر عُقِدَ سنة 2008 فأقرَّ خامسَ عشرَ أكتوبر يوماً عالمياً لغسل اليديْن بالماء والصابون، مُنبهاً إلى أن قرابة خمسة ملايين من الأطفال يموتون سنوياً بسبب الأمراض الناجمة عن إهمال ذلك.
وإذا كان التركيز في البدْء على الأطفال، إلا أن الظاهرة لا تخص الصغار وحدهم، وإنما تشمل الكبار أيضاً، كما أن تعميم التوعية بضرورة تَكْرار غسل الأيدي بالماء والصابون قبل الأكل وبعده، وإثر مغادرة الحمام، أو ملامسة الأشياء ينبغي أن تصير سلوكاً ثابتاً، وتقليداً مرعياً لا يقتصر على فترة مواجهة "فيروس كورونا"، ليعود الناسُ بعد ذلك إلى سيرتهم الأولى من المصافحة والمعانقة، وإهمال ما ينتقل إليهم من جراثيمَ عن طريق الْمُلامَسَة.
"جائحة كورونا" نِقْمَة، لكنْ في طيِّها نعمة، لأن الناجين منها ينبغي أن يُغيِّرُوا عاداتِهم، ويدْأبُوا على سلوكٍ يَقيهم مخاطرَ انتقال الْعَدْوى إليهم، أو نَقْلِها إلى غيرهم، وهُمْ في ذلك مَدْعوُّون إلى الصُّدُورِ عن وَعْي في المُمارسة، والإسْهام ـ عند الضرورة ـ في التوعية.