adsense

2020/03/22 - 3:53 م

بقلم الأستاذ عبدالغني فرحتي
حتى ونحن نتحسر على مئات الضحايا الذين يسقطون يوميا في عديد من الدول بفعل وباء كورولا، استطعنا، ليلة الأمس، الخلود إلى النوم منتشين بدرجة الوعي الذي عبر عنه الكثير من مواطنينا وبنجاعة التدابير الاستباقية التي بادرت إليها السلطات العمومية، منتشين أيضا بارتفاع منسوب التضامن الذي عبرت عنه مؤسسات مالية وإنتاجية وفعاليات سياسية وجمعوية وأشخاص ذاتيين وكل من بادر إلى المساهمة في الصندوق المفتوح لهذا الغرض النبيل.
 لكن، ونحن في عز الليل، استيقظنا على كابوس خلناه حلما مزعجا، لكنه كان حقيقة مرة وواقعا مفزعا. ففي الوقت الذي كان يبدو التجاوب التام للمواطنين مع تدابير الحجر الصحي كسبيل لتطويق الجائحة وتداعيتها، ترامت إلى أسماعنا أصوات وكانت الساعة حوالي الواحدة صباحا (من صباح الأحد 22 مارس) جمهور يسير في الشارع يكبر ويقرأ اللطيف وأشياء أخرى.
الحمد لله أن الظاهرة لم تعم كل المدن والمناطق، ولكن كون الحدث عرفته أكثر من مدينة واحدة (فاس وطنجة..) يوحي أن هناك جهة ما تحرك الخيوط في الخفاء تستغل العاطفية الدينية لعموم الناس البسطاء.
   إن الذين خرجوا مُتَحَـدٍين حالة الطوارئ الصحية التي فرضـت منذ مـساء الجمعـة  20 مارس 2020، ومن يحركهم في الخفاء، يضعون أنفسهم ويا للغرابة، كأنصار لفيروس كورونا وكخصوم موضوعيين للدولة وللمجتمع المغربي برمته، وكجاحدين لكل الجهود والتضحيات التي بادرت إليها السلطات العمومية من أجل حمايتهم وحماية المجتمع، يضعون أنفسهم كذلك خارج الإجماع الوطني الذي تكرس من خلال الوعي بأن التناقض الأساسي، في الوقت الراهن يكمن في مواجهة الوباء اللعين. يضعون أنفسهم كذلك بعيدا عن ديننا الحنيف وتعاليمه. يقول الله تعالى في سورة البقرة: " ولا تلقوا بأنفسكم إلى التهلكة".
لقد أكدت وزيرة الصحة بإيطاليا، البلد الذي فاق عدد ضحاياه ضحايا الصين، بأن التجربة المريرة التي تمر منها البلد، جعلها تدرك بأنه لا سبيل لتطويق الجائحة إلا بمنع التجمعات وتقييد الحركة أي باختصار فرض الحجر الصحي.
  لذلك، نعتقد أن هذا التجمهر سلوك طائش بل ويمكن وصفه بعمل إرهابي يستهدف أرواح الناس وأمنهم، إنه عمل ينم عن الغباء والعبث والجهل. لا يسعنا هنا إلا أن نردد مع الشاعر:
                لكل داء دواء يُسْتــَطًــبٌ به       إلا الجهالة أعييت من يداويها
ومع ذلك، اللحظة تستلزم أن نظل إيجابيين، أن نعتبر ما حصل مجرد كابوس عابر وإن كان قد خدش شيئا ما الصورة التي تكونت عن بلدنا، صورة جعلت طريقة تدبيره للوضع محل تقدير من طرف العديد من الدول والمؤسسات الدولية. نعم لا بد من اتخاذ كل التدابير التي تفرضها حالة الطوارئ الصحية التي تخضع لها البلاد منذ الجمعة الفائت والضرب بقوة على يد كل من تسول له نفسه خرق ذلك. لكن بموازاة ذلك، لا بد أن نبقى مسلحين، رغم كل شيء، بالنظرة الإيجابية التي ستظل تستمد وقودها من التحام كل الطاقات الحية في البلاد وتضافر جهودها سعيا وراء محاصرة الوباء وكسب الرهان. فنحن المغاربة وكما غرد الموسيقار نعمان لحلو، في التفاتة فنية داعمة لورش التضامن المواكب لإجراءات مواجهة الجائحة: 
              " فالشدة لينا طيبة   فينا معدن لازم ايبان".