adsense

2017/08/22 - 1:40 ص


بقلم ذ/ علي أبو رابعة


جلسنا جلسة أصدقاء، فتحدثنا بكل إرتقاء، عما نمر به فى حياتنا ...
فقال صديقى شاكيا حاله  :"ذات يوم ..تجملت فى عينى مصائب ، فاشتهى لها القلب ،فأصبحت حياتى عذاب مليئة بالإكتئاب  ،فبكت عينى من شدة الخراب ،ومن كثرة البكاء نمت ،فتخيلت نفسي جالسا على شاطئ بحر الخيال ، ارسم لوحة الأمال :أمل الإقتراب من ربى ،وأمل الإبتعاد عن شهواتى.
فتركت اللوحة قليلا ، ونظرت الى البحر طويلا ،فسمعت صوتا يأتى من بعيد قائلا : " العاقل هو من يفرق بين ما ينفعه ،وما يضره"
فاستيقظت متعظا ، وأغتسلت مليا ،ثم صليت خاشعا ،وصبرت على إبتلائى ، وندمت على ما فعلت بالماضى . "
فقلت له :" أى صديقى ،لا تحزن على إبتعادك ،وافرح لإقترابك ، لماذا تركز على النقاط السوداء فى حياتك ؟ ..فكيف أن تستريح وأنت لا تريد أن تريح قلبك ؟! "
ارح قلبك من السباحة فى بحور الخيال، تجد نفسك قريبا من رب الجمال والجلال .
راحتك فى القناعة ،وإغراق النفس فى الطاعة .
صديقى ، الدنيا ملهى كبير ، ولا يلعب فيها إلا صغار التفكير ، فلا تلعب معهم ، واترك لهم ملعبهم ،من أراد الحياة الحقة فعليه بالقرآن ، ومناجاة الرحمان بكل إيمان . "
فأكمل متألما :"يكرهوننى منذ أن ولدت ،وعندما علمت مت ؛كنت أحبهم كآباء ، فأصبح الحب عندى وباء ،كذبوا على بمسمى العائلة ، وأشعرونى بأنى عليهم عالة ، فانتهكوا طفولتى ؛لأنى لم أكن أعلم هويتى .
أعطونى حريتى ،سأبعد عنكم وجهى ، ماذا تريدون من شاب تعلم منكم الغرور أن يقول ؟! ..
كنت سأكون ،وأصبحت فى نظرهم مذلولا ،فآثرت بأن أكون عن الناس معزولا ،ثم اندمجت بهم فجأة، وأبهرتهم بكل جراءة ، ولكن عائلتى كانوا أكثر الناس عداوة ،بثوا فى سم الهزيمة ، ويكأنهم يقولون لن تكون ذات قيمة .
أنا سجين العائلة ،ومتى طالبت بحريتى زادت الكراهية ،لا أملك سوى الشكوى ،فلجأت إلى النجوى ،فوجدت ربى غاضبا على ؛بسبب بعدى عن ربى ،لم أستطع أن أكون ،ودخلت فى الحب كالمجنون ،لن أقول سوى نسيت ربى ،فأنسانى ربى نفسى ، فقدت هويتى ؛لبعدى عن ربى، فأصبحت حياتى مليئة بحطام الأمانى .
فى البعد تمكن منى الشيطان ،ووجهنى للحب كتوجية الرجل للحيوان ،ولم أعلم كيف أكون للحب مخلصا ، ثم علمت كيف الخلاص ؟ ، فسجت سجدة إخلاص  ،فأستعدت حريتى بتلك السجدة ،يا لها من نعمة ،ولكنى ما زلت غير سعيد ،وأشعر بأنى بعيد عن ربى الحميد ، هل انا لست من العبيد ، لم ألق  يوما قبولا من الناس ، فهل أنا فقدت الإحساس ؟"
فقلت له : "أيها الشاكى من دنياك ،لماذا تشتكى والسم من صنع يداك ؟ ، سبحان من إبتلاك ،بعد أن أعطاك ،أغرقت نفسك فى بحر المعاصى ، ولا تريد أن تكون من ساهرى الليالى !
 يعجبنى فيك صعودك السريع على جبل همومك ،ثم هبوطك المتمهل مع إبداء ما فى قلبك ، وقد إقترب الهم من هدمك ،كن واعيا ،ولا تكن جاهلا .
لا تشتكى ،وإترك الحياة للخالق تنتهى ، وكفف دموعك تنس ، واقترب من ربك تحيا،وانس جروحك تعل ، وإن ابتعدت عن القرآن تدن ."
فأكملت قائلا :"صديقى ،الحياة ما هى إلا فترة زمنية عاجلة ،وما بها ما هو إلا ألوان كاذبة ،ومخادعة،تخدعك بجمالها ،حتى تقع فى سحر ملذاتها ،وإذا وقعت- لا محالة - أبشرك بأنك أضعف ما فيها ؛ لأنه لا يقع إلا فاقدى التفكير ،والذين لا يشاركون فى دائرة التعمير ،فكيف لكسول أن يكون من المقاتلين !."
فقال متسائلا :"أليس للحياة عنوان ؟!..أفى عنوانها العدوان ؟!
فعلام يتقاتلون ؟!..أفى الدنيا كنوز تدوم ؟!..أريد جوابا على أسئلة قلبى المشجون !. "
فكان ردى عجيبا فقلت:"سيطر الملعون على ما سيطر ، بعد أن إختار طريقه من إختار ،ويا ليت من إختار تفكر ! ...ضل من الناس من اختل ،وثبت من تعقل. .
 صديقى المشجون ،داو قلبك بالقرآن ؛لأن بداية الإبتعاد عن رب العباد ،هى ضيق الفؤاد ،وإذا وقعت تكن كقوم عاد :الذين كانوا للإستسلام عباد ،فأصبحوا كالجماد .
الحياة تحتاج إلى شيئين: أصدقاء على الخير أعوان ،وأبوان على النجاح يشجعان .
فلا تقنط من رحمة الله ،وارحل إلى عالم خال من أضرار العلل التى تجعل القلب سقيما ."