بقلم الأستاذ حميد طولست
وفي تطور جديد للصراعات اللامسؤولة الدائرة
بين الأحزاب اللاهتة وراء الكعكة الوزارية ، بدون كفاءة أو ذربة أو مؤهلات الفذة ،
العلمية والمهنية والاخلاقية ، خرج علينا حزب الإستقلال عبر جريدته "العلم"
للرد على موقف وزير الفلاحة ورئيس التجمع الوطني للاحرار، عزيز أخنوش من ضم "الميزان"
إلى التحالف الحكومي المقبل ، والذي تعمد تسريبه عبد الإله بنكيران المكلف من طرف الملك
بتشكيل الحكومة - كما كشف ذلك عزيز أخنوش نفسه- بغرض احراج عزيز أخنوش والضغط عليه
في مستقبل الجلسات التشاوية ، عن طريق إحياء فتنة الصراعات التي كانت مشتعلة بين حزبي
الحمامة والميزان....، الأمر الذي أوقوع هذا الأخير في فخ شن هجوم عنيف على أخنوش
-يستحوذ عليه نزعات الطمع وحب السلطة والنرجسية - وتحميله المسؤولية السياسية المباشرة
في قضية مقتل سماك الحسيمة محسن فكري مرور أسبوع كامل عليه ، لكونه وزير الفلاحة والصيد
البحري ، بدعوى أن "المغاربة لا ينتظرون
الزج بالصغار في السجون لجبر الخواطر وذلك في إشارة إلى الاعتقالات التي طالت عددا
من المسؤولين الصغار في القضية/المأساة ، ولكنهم ،حسب جريدة العالم ، يريدون أن يتحمل الكبار المسؤولية السياسية للحدث
. فإذا إفترضنا أن الطرح منطقي ومقبلول ، وأنه
فعلا هو ما يرغب فيه االمغاربة ، وإن كان من الظلم تحميل السلطة -رغم أن السلطة كيان
غير بريئ بالمرة من جرائم كثيرة في حق الشعب- بكاملها مسؤولية جرائم تورط فيها موظفون
أساؤوا استخدام وظيفتهم بل أخلاقهم ، فإن توسيع دائرة المتهمين لتشمل مسؤولي الدولة
برمتها، وكبار المسؤولين السياسين فيها ليقحم حزب الميزان صاحب هذا الاقتراج نفسه في
قائمة المتهمين ، ويحمله مسؤولية تدهور أوضاع
البلاد ، وما يعيشه مواطنوها من قهر يومي وانتهاكات شبه مستمرة لكرامتهم، وذلك لكونه
حزب سياسي ، وكما هو معلوم بأن الأحزاب هي مكونات دستورية من مكونات النظام الأساسي
التي لا غنى عنها في تنشيط الحياة السياسية للشعب وتكوين إرادته السياسية وتحقيق الاستقرار
السياسي للبلاد ، بما تطرحه من برامج وأفكار من خلال تنافسها السياسي، لأنها هي ضمير
الأمة وحراسها ، ومن المفترض فيها أن تكون إلى جانب المنظمات النقابية والجماعــات
المحلية والغرف المهنية والمؤسسات الإعلامية ، في مستوى المهمة السياسية المنوطة بها
والمتعلّقة بالمساهمة في تنظيم المواطنين وتمثيلهم ورعايتهم، والمحافظة والدفاع على
مصالحهم، بتقويمها للسلطة وكشف عيوبها وتقويمها بالإتجاه الصحيح ، من أجل بناء مجتمع
ديموقراطي يستوعب كل الاختلافات السياسية والفكرية والإجتماعية والعقائدية ، بنشاطاتها
الحرة والمستمرة التي يلزمها بها قانون الأحزاب وتظمنها مواثيقه
والغريب في الأمر الجهات التي تولت محاولة
شيطنته أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري أمام المغاربة ، وتقديمه كرافض للدعم المباشر
للمغاربة و المُلٍح على رفع الدعم عن "البوطاغاز" إلى جانب تحميله مسؤولية
مقتل "محسن فكري" ، هي الجهات التي لم نسمع لها صوتا متفاعلا مع بشاعة
"فاجعة الطحن" التي أثارت غضب المغاربة والعالم ، ولو ببلاغ تضامني ، أو
تعزية ، لأنه وبقية مآسي الشعب المغربي ليس لها مكان في انشغالاتها المحصورة في الصراعات
الدائر بينها حول تقسيم كعكة الحكومة والحصول على أكبر حصة منها
.

