adsense

2016/06/11 - 8:43 م


بقلم الأستاذ حميد طولست
بديهي أن يجرب المرشحون للانتخابات ، أيا كان نوعها ، أثناء حملاتهم الدعائية ، كل ما تسمح به القوانين ، وحتى الذي لا تسمح به ، من وسائل وطرق استمالة الناخبين لصفوفهم ،  ومن الطبيعي كذلك والمنطقي أن يقوم المرشح بأي نشاط يقنع الناخبين لاختيارهم ، ولو كان ذلك بالرقص أو أكل "الهندية" أو هما معا ، نعم لقد قلت : الرقص والهندية ، الرقص كلغة جسدية محببة إلي قلوب البسطاء ، وتعبيرا عن البهجة والفرح ، الذي يمكن أن يكون مقبولا في الدعاية الانتخابية ، للعلاقة ، التفاعلية الموجودة بينه وبين السياسة، التي حفل التاريخ البشري بأمثلة كثيرة من القضايا التي يتداخل فيها الرقص بالبعدين الاجتماعي والسياسي ، حيث يعطي الكثير من الناخبين أصواتهم لمن يجيد "الرقص"
وقلت : "الهندية " أو"أكناري" في اللغة الأمازيغية ، والتين الشوكي"و"الصبار"و "الزعبول" و "كرموص النصارى" في باقي اللهجات المغربية ، الفاكهة ، التي كانت إلى الأمس القريب تعد أكلة البهائم ، والتي من المستبعد ، بل ومن المستحيل أن تستميل الناخبين لمنح أصواتهم للذي يأكل أكبر عدد من حبات "الهندية" لقصور فعل إلتهامها على قارعة الطريق وعند "كراريس" باعتها المتجولين ، على التأثير في الناخببن وتوجيههم ، وهذا لا يعني أني أقر الرقص في الدعاية الانتخابية ، وأستهجن أكل الهندية -التي تعرفه إجماعا منقطع على قيمتها الغذائية والتجميلية الفريدة، سواء عند العامة أو المختصصين في التغذية- فكليهما وسيلة بدائية للدعاية ، يستبطنان الكثير من استحمار للناخبين ، وتبليد للمصوتين ، وتناف كبير مع هيبة الوزراء وقادة الأحزاب الراقصين ، وإساءة للمؤسسات التي يمثلونها ، والمواطن الذي من المفروض أن يمثلوه ، وخاصة بعدما تحولت معهما الدعاية الانتخابية من وسيلة لإقناع الناخبين بالمنجزات المحققة ، والمشروعات التنموية المستقبلية ، إلى مهرجانات شعبية ومواسم أولياء ، احترف فيها الرقص والتبندير، وإلتهام "الهندية" لجمع ولاءات الناس وأصواتهم.
فهل إقناع المواطنين المغاربة بحاجة لكل هذه الحركات والاستعراضية الفلكلورية البدائية ، المتمثلة في الرقص وأكل "الهندية" ، ؟؟ أم هم في حاجة للكثير من الاحتياجات الإنسانية البعيدة عن أعمل الخير الاستعراضية التي يفقد معها الخبر أثره وتأثيره .
 فلو تلمس الراقصون والراقصات ، الآكلون "للهندية " والآكلات ، ، وبإنسانية ، احتياجات المواطنين الفعلية ، لتوصلوا إلى أن المغاربة ليسوا بحاجة لرقصهم ولا "لهنديتهم " ، ولعرفوا أن حاجاتهم  واحتياجاتهم هي -رغم فقرهم المدقع – أرقى وأسمى من كل ما يتباهون بتوزيعه ، أثناء حملاتهم الانتخابية، من زيت وسكر وأرز وصابون  وعلب سردين ، وهم يتبسمون لكاميراتهم بطريقة لا انسانية ، وغير لائقة ، وجارح للكبرياء.
إن ما يحتاج إليه المواطن المغربي ، وبشكل دائم، هو الرعاية والعناية بكافة شؤونه البدنية والنفسية والاجتماعية ، وباقي الاحتياجات الحياتية بكل دقائق أحداثها ومجرياتها الإنسانية ، التي تترك في النفوس آثارا واضحة على مدى العمر صحيا ونفسيا وسلوكيا.
إنه بحاجة لمشروعات تنموية دائمة تحفظ كرامته ، وتقيه شر العوز وشر "الحكرة" اللا انسانية .
إنه بحاجة للدواء والعلاج وأجور المستشفيات وكلفة العمليات الجراحية ، وثمن نظارات لتصحيح نظرة ، وسماعات الاذان،  وعلاج لأسنانه ..
إنه في حاجة لمصاريف كافية لمتطلبات دراسة ابنائه وبناته في الجامعات المغربية - إلا إن كان رايكم أنه لا ضرورة لتعليم أبناء الشعب، كما لمح لذلك السيد الوزير التعليم الداودي بقوله : "اللي بغا يقري ولادو يحك جيبو "..
أظن ، بل أنا متأكد بأنه عندما عرف الراقصون وأكلة الهندية ، أن جاجات المغربة الأساسية تكمن فقط في هذه الأفعال الجليلة والأعمال الكبيرا المهيبة ، وتلك الخدمات الجادة التي تصون ، وتؤمن المستقبل ، وتضمن الامن والامان ، وتطمئن على مصير الأهل والأولاد ، من شغل وسكنة ومدارس ومستشفيات وطرقات ، عندها وبدون شك ، سيكفون ، ومباشرة عن رقصهم الاستعراضي "البايخ" ، ويتوقفوا عن إلتهامهم "للهندية" التي يمكن أن تغص بها حلوقهم ، أو أن تأخذ بعضهم  للمستعجلات ، لأنها فاكهة "غدارة" كثيرا ما أفضت بآكلها -غير المتعود على أكلها مثلهم - إلى المستشفيات ..
أتمنى ألا يتكرر رقص الراقصين وأكلهم "للهندية" خلال الحملة الانتخابية القادمة في السابع من أكتوبر القادم، و"يشوفوا غيرها" كما يقول المصريون في أمثالهم ، أوكما تقول الفنانة نجاة عتابو : "شوفي غيرو" أما إذا عادوا مرة أخرى إلى مثلها ، فليعلموا أنهم بذلك سيتحولون من أصحاب قضية إلى قضية تحتاج إلى معالجة.