بقلم الأستاذ حميد طولست
أنتهز فرصة شهر رمضان المبارك لأرفع لكل
أحبتي وأهلي وأقربائي وأصدقائي ومعارفي وجميع المسلمين ، أسمى آيات التهنئة والتبريك
بمناسبة حلول شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، وأطلب منهم جميعهم ،أن نغض الطرف عن
سلبيات بعضنا ونتجاوزها ، ونبحث عن إيجابي منها ، ونبادر بكل خير ونفتح صفحة جديدة
تنسينا خلافاتنا وأحقادنا وثاراتنا القديمة ، وندعوا للمحبة والسلام بيننا ، حتى يكون
لصيامنا فعل وتأثير حي ، يربط بين فكرنا الديني وواقعنا الحياتي ، بكل معاني الحب والرحمة
والإنسانية التي تجعل منا "إنساناً" بكل معنى الكلمة ، يتجنب الغلظة والظلم
، ويصل الرحم ، ويعفو عمن ظلمه ، وحتى لا يبقى صيامنا مجرد طقوس شكلية ، وحركات تعبدية ميكانيكية ، لا تشبع عواطف روحية ، ولا تروي أحاسيس
نفسية ، ولا تزرع في القلب حبا ، ولا تنشر في الكون جمالا ، بل تغشاه بالتوترات والمشاحنات
والشجارات بدعوى العطش والجوع والتعب وأشياء أخرى تنسب للصيام ، وكأننا نحمِّل ربنا
جمائل صيامنا .
وبهذه المناسبة ، أسأل الله أن يُغير رمضان
من سلوكاتنا المتناقضة مع الذات والواقع ، والمتناقضة بين الأفكار المعنوية والسلوكات
المادية ، وألا يبقى بيننا أحد مزدوج الشخصية متناقضا مع ذاته ، فالشخصية المتناقضة
لا تبني وطناً ولا انسانا ، وأتوسل إليه أن
تملأ الرحمة وحب الخير قلوبنا طيلة شهور السنة ، وليس في هذا الشهر وحده ، الذي يتحول
مع الكثيرين إلى مجرد مهرجان سنوي شعبي أو موسم تراثي فلكلوري فقط ، حتى نرى الأغنياءنا
يجوبون أزقة وشوارع مدننا باحثين عن الفقراء والجياع والعراة ، طيلة السنة ، كما يفعل
بعضهم في شهر رمضان دون غيره من سهور السنة ، أو إبان الإنتخابات ، فتصدق فيهم القولة
الشهيرة : "تبا لأمةٍ لا يهمها الجائع إلا في رمضان أو إذا كان ناخبا ، ولا العاري
إلا إذا كانت امرأة".
ولا بأس من أن أذكر أحبتي وأهلي وأقربائي
وأصدقائي ومعارفي وجميع المسلمين ، من خلال هذه التهنئة القلبية الحارة ، بأن رمضان
بروحه الدينية السامية ، وبأسراره ومعانيه الإنسانية الجميلة ، ليس هو فقط هذا الشهر
العابر، بل هو إمتداد لكل ذلك على بقية شهور العام ،
وأن أفضل الصيام هو صوم القلب عن كل حقد
واستئصال وفساد ، وأن الصيام لا فائدة منه مالم يُعدِّل من سلوكنا ووعينا ، فكم منا
صام عشرات الرمضانات ولم يجن من صيامه غير الجوع والعطش ، لأنه لم يجسد تقوى القلب
التي هي ثمرة الصوم الحقيقي ، الذي يفقد "خيره" و"أثره" و"تأثيره"
عندما لا يهتم فيه إلا بالمباهاة والاستعراضات
ومديح الناسوتحقيق الماكنة الاجتماعية .
وكل عام وانتم بخير أحبتي ، و كل عام والشعوب
العربية بخير ، وكل عام والأمة اإسلامية بخير ، وكل عام والعالم كله بألف خير وأمن
وحب وسلام ..