adsense

2019/02/28 - 11:29 ص

بقلم الاستاذ حميد طولست
رغم حركة التطور التي يعرفها العالم ، والتي تجري بايقاعات متسارعة ، ووتباث "كنغورية"-نسبة لحيوان الكونغو -متتالية، نتيجة ما أفرزته العصرنة والرقمنة من معطيات علمية ومنجزات صناعية وتقنية هائلة، فإن لازال العقل العربي يرزح ،مع الأسف، تحت مظاهر الثقافة الدونية تفرض نفسها عليه ،وتصادر فعاليته، وتجعل منه عقلا متخلفا تختلط عليه المفاهيم ، يقف حائرا أمام أبسط الظواهر الاقتصادية والسياسية والمناخية والطبيعية ، لا يستطيع تفسيرها على ضوء ما هو حداثي أو علمي متطور ، ويعتمد في ذلك على التفكير الغيبي الماورائي ، الذي لا يفرق فيه بين العلمي والخرافي المتخزن في  ذهنيته ، بسبب الشحن الديني الهائل الذي تعرض له مند صغره ، في البيت وفي الشارع وفي "لمسيد" ، الجامع "الكتاب" وفي المدرسة، على يد شيوخ ضعاف التكوين ، منغلقي الذهنيات ، ومنسحقي الشخصيات ، ومدرسين غير تربويين ، ولا علاقة لهم بعلم النفس التربوي، يخلطون –عن وعي أو بدونه- التربية نالعلوم بالسياسة والأيديولوجيات العقائدية ، ضمن سياسات تربوية وتعليمية وإعلامية وثقافية عقيمة وخاطئة أعتمد فيها الكم على النوع ، وغُلبت فيها النزعة الغيبية على الفكر العلمي والمعرفي ، فصبت كل نتائجه في رافد واحد وغاية واحدة، هي التجهيل الذي جعل المواطن العربي عامة والمغربي خاصة ، وخارج عصره ، مختل الموازين ، لا يستطيع ، رغم المخترعاته الكثيرة التي أقلها "النت" وثورته العلمية ، تفسير الظواهر الطبيعية وأكثرها حدوثا في محيطه إلا بالرجوع للغيبيات ، كما هو حاله مع الظاهرة الفيزيائية البسيطة المسماة "قوس قزح" أو "قوس المطر" أو "قوس الألوان" والناتجة من انكسار وتحلل ضوء الشمس خلال قطرة ماء المطر، والذي يسميه  بــ"حزام لالة فاطم الزهرا" في مسعى لا واع يتمثّل في إضفاء صيغة القداسة على العالم الطبيعي الصورة التي أبلى مشاييخ الدين أحسن البلاء في ترسيخها في الذاكرة الجماعيّة وفي المتخيّل الشعبي ، تعطيلا ملكات العقل وصده عن البحث عن الفهم الصحيح لكثير من حقائق الأمور باستعمال علوم العصر ، وابقائه جامدا منغلقا ، ينهل من خطاب ديني أخرق مرتكز على موروثات بدوية متخلفة رجعية متناقضة مع أبسط حدود المنطق ، لا يرغبون  في مناقشتها مناقشة صريحة لتحديد أين ينتهي الدين وأين يبدأ العلم؟
وأختم بمقولة ابن رشد الذي كفره الفقهاء والمشاييخ :أن الله لا يمكن أن يعطينا عقولا ، ويعطينا شرائع مخالفة لها.