adsense

2019/02/11 - 1:26 م


بقلم ذة. سناء يوسف عضوة التنسيقية الجهوية لجهة الرباط سلا القنيطرة
إحياء لذكرى الملحمة التاريخية التي وحدت الشعب للمطالبة بالإصلاح، و من أجل إسقاط مخطط توظيف الأساتذة بالتعاقد نظام السخرة والاستعباد الذي يهدف لتفكيك المدرسة العمومية وضرب مجانية التعليم وإلغاء الحق في الوظيفة العمومية. نسعى لنكون سدا منيعا في وجه الظلم والفساد، لنجعل إرادة الشعب تنتصر على إرادة التهميش والتفقير، ونعلنها معركة صريحة من أجل انتزاع حقوق الشعب وصون مكتسباته.
يسعدني التواصل معكم في إطار المساهمة في لعب دور الإعلام البديل، في ظل التعتيم الإعلامي الذي تنهجه أغلب المنابر الإعلامية بالمغرب، حيث يشرفني أن أعرفكم بقضيتنا، نحن الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، لما تحمله من خطورة على حقوق الإنسان ولكونها تهم الشعب المغربي كاملا وخاصة الطبقتين الوسطى والكادحة اللتان تشكلان الأغلبية في البلاد، فالمدرسة العمومية هي أكبر مكتسب لهؤلاء المواطنين، وجودة التعليم العمومي ومجانيته هما المحركان الأساسيان لصناعة خيرة الأجيال وضمان التقدم والإشعاع والاستقرار للبلاد. التوظيف بالتعاقد جاء ليضرب كل ذلك عرض الحائط، وذلك خدمة لمصالح الطبقة الرأسمالية ولوبيات المال والأعمال، حيث يكسب هؤلاء ود بنك النقد الدولي بتخفيض كتلة الأجور على حساب الطبقة العاملة عوض تخفيض أجور البرلمانيين والوزراء ورؤساء الجهات ... وتخفيض تعويضاتهم ومعاشاتهم، وتوقيف رواتب الموظفين الأشباح، ومنع المعاشات المتعددة لنفس الشخص وهو ما نجده عند البرلمانيين... تترك الدولة كل هذه الحلول ولا تجد سوى الأستاذ مربي الأجيال لتفرض عليه التعاقد، لتسلبه حقه في الوظيفة العمومية وتعطيه صفة أجير مياوم يعمل مقابل المأكل والملبس ويندرج ضمن ميزانية المعدات والنفقات المختلفة للأكاديميات، محروما من تكوين جيد في مهن التدريس، محروما من الطموح في تغيير الإطار إلى مدير أو مفتش أو أستاذ مبرز أو أستاذ للتعليم العالي أو موجه...، محروما من حركة انتقالية بين الجهات ومحكوما بالإقامة الجبرية في جهة واحدة طيلة سنوات عمله، محروما من تقاعد يضمن له العيش الكريم في أواخر عمره حيث يخضع للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد الخاضع للرسملة والتسقيف عوض الصندوق المغربي للتقاعد، مهددا بفسخ عقدته في كل وقت وحين وبدون إشعار أو تعويض، فالأستاذ المفروض عليه التعاقد ليس من حقه أن يمرض مرضا مزمنا ميؤوسا من شفائه قريبا وإلا سيجد نفسه خارج حسابات الأكاديمية دون أي تعويض، وقد يتسبب تقرير كيدي بسيط من مدير طاغية أو مفتش حقود في فسخ العقدة كما حاولت أن تفعل مديرة مدرسة اولاد عمرو بقلعة السراغنة ومديرة أخرى بسيدي بنور، ويتم الفسخ دون المرور عبر الإجراءات الإنذارية والعقوبات التأديبية ودون تدخل اللجان المختصة بل فقط بجرة قلم من مدير الأكاديمية، وهذا ما حصل فعلا خلال السنة الماضية في حالة أستاذين بكل من زاكورة وبولمان، ثم مؤخرا في حالة أستاذة بمديرية إفران. كل هذا الحيف والتحقير والإذلال الذي تمارسه الوزارة على الأستاذ يجعله غير مستقر نفسيا واجتماعيا ومهنيا واقتصاديا أيضا، وبالتالي كيف له أن يبدع في عمله وأن يطور أداءه؟ كيف له أن يتحمل مشقات وصعوبات مهنة التدريس والعمل في أقاصي البقاع وفي المناطق الوعرة والجبال والصحارى ومناطق المغرب المنسي؟ كيف له أن يستمر في تقديم تضحيات مادية ومعنوية لا حصر لها دون ملل أو كلل؟ كيف للأستاذ أن يستمر في العمل بتفان وإخلاص في ظل وضع يستنزفه ونظام يأكله لحما ليرميه عظما؟ إذاً فالتوظيف بالتعاقد يسعى لضرب جودة التعليم العمومي وبالتالي إقبار المدرسة العمومية وخوصصة التعليم وتسليعه. إضافة إلى كونه يسعى لإفلاس الصندوق المغربي للتقاعد حيث أنه يعرف تناقص عدد المنخرطين وتزايد عدد المستفيدين، لأن كل الأساتذة الجدد الذين يتم توظيفهم بالتعاقد المفروض عليهم لا ينخرطون فيه في حين أن كل الأساتذة الذين يحالون على التقاعد تصرف معاشاتهم منه، وبإفلاس هذا الصندوق سيتم تعميم النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد وهو صندوق يخدم المُشَغِل مئة بالمئة حيث يحتسب المعاش بناء على معدل الأجر المحصل عليه طيلة سنوات العمل منذ أول سنة، في حين يحتسب الصندوق المغربي للتقاعد المعاش بناء على معدل الأجر خلال الثمان سنوات الأخيرة فقط من العمل، وهذا النظام الأخير نفسه يرفضه الموظفون المرسمون لأنه جاء في إطار الإصلاح المزعوم لهذا الصندوق بعدما كان يضمن لهم معاشا يماثل أجرة آخر شهر من العمل. ولذلك فإن هذا التوظيف بالتعاقد هو مخطط شيطاني يسعى لزيادة تفقير وتهميش الطبقة الوسطى والطبقة الكادحة، يسعى لاستعباد الأستاذ عماد المجتمع وتجريده من كل القيم التي يمثلها ويحرم الأجيال من قدوتها، يسعى لرفع أسهم الوحش الرأسمالي ومن بينها لوبيات التعليم الخاص.
بعد هذه النظرة الشاملة على ملف الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، وبصفتي عضوة في التنسيقية الوطنية لهته الفئة من الأساتذة، يشرفني أن ألتمس من منبركم الحر وصوتكم الصادق النزيه تتبع نضالات تنسيقيتنا ومن بينها البرنامج المسطر خلال المجلس الوطني الأخير، والمتمثل في إضراب يمتد على مدى أربعة أيام متتالية هي 19 و 20 و 21 و 22 فبراير 2019، مع مسيرة وطنية ممركزة بالرباط يوم 20 فبراير التاريخي، وذلك من أجل أن ترصدوا الحدث لمتتبعيكم الأوفياء الذين يمثلون شريحة واسعة من المواطنين الباحثين عن حقيقة ما يجري في البلاد من احتجاجات وحراكات شعبية، ومن بينها حراك الشغيلة التعليمية المهضومة الحقوق.