adsense

2022/04/01 - 11:33 ص

بقلم الأستاذ عبدالغني فرحتي

لا بد في البداية، حتى لا نتهم بالعدمية وتبخيس الجهود، من الإشادة الكبيرة بالمجهودات الكبرى التي بذلت من طرف الأجهزة الأمنية، وخاصة بعد انتهاء المباراة التي جمعت منتخبنا الوطني بنظيره الكونغولي، حين اكتسحت الجماهير الكثيفة، سيرا على الأقدام أو من خلال قوافل للسيارات والدراجات النارية، شوارع البيضاء، ولا سيما تلك المجاورة لمركب محمد الخامس. فبفضل ذلك، لم يسجل، ولله الحمد، أي حدث يقلق.

هنيئا لكل المغاربة على هذا الانتصار وعلى التأهيل للعرس الرياضي الأممي المنتظر بدولة قطر. لكن، وللحقيقة، الفرحة لم تكن مكتملة، الفرحة اُغتْيلت، بسبب المذبحة التنظيمية التي عشنا أطوارها، سواء عند ولوج الملعب أو عند محاولة اانتزاع بمقاعد، دفعنا ثمن تذاكرها، بمدرجات الملعب.

حتى لا أنعت بالتجني، سأكتفي بوصف ما عشناه، عند ولوج المركب وخلال متابعة المباراة.

أولا، لوحظ نقص كبير في التشوير الذي من شأنه أن يساعد على التعرف على المدخل المشار إليه في التذاكر المقتناة عبر الانترنيت. وبعد النجاح، بعد جهد جهيد، من الوصول إليه، لا حظنا مراقبة شديدة، وتفحص دقيق للتذاكر، بالعين المجردة وباستعمال آليات إلكترونية.

لم تكن هذه، نقطة المراقبة الوحيدة، بل تلتها نقطتين أخرتين، وتم اعتماد نفس الإجراءات. وأخيرا وصلنا إلى البوابة الإلكترونية، فوجدنا طوابير تنتظر، وقفنا، بدورنا، ننتظر دورنا، لكن لم يكن أي شيء يتحرك. بقينا، ولمدة غير يسيرة على هذا الحال، إلى أن سمعنا صوت أحد الواقفين على هذه البوابات الإلكترونية وهو ينادي: " من عنده تذكرة فليتقدم ". تقدمنا نحوه، بعد اخترقنا تلك الطوابير، وأدخل التذاكر، في المكان المخصص، وفتحت الباب، وولجنا المركب,

السؤال المحير هنا هو: كيف وصلت هذه الطوابير التي لا تتوفر على تذاكر حتى تلك الأبواب الآلية؟ كيف اجتازت كل نقط المراقبة والتفتيش الثلاث؟ ولماذا لم يبادر المنظمون، من مدنيين وأمنيين رسميين إلى إبعادهم، لضمان ولوج المدرجات بانسيابية؟

وصلنا المدرجات، وكنا نتوفر على تذاكر الدرجة الأولى، تذاكر مرقمة. غير أننا سنصطدم بفوضى كبيرة. لقد ولجنا المكان، قبل أكثر من ساعتين من انطلاق المباراة، فوجدنا أمكنتنا محتلة. لم يكن، في المنطقة 3 من المنصة، لا حراس أمن ولا مضيفين  يسهرون على التنظيمDes stadiers. كان القانون المتحكم هو قانون الغاب.

قبلنا عن مضض، باستغلال مقاعد ليس لنا، ورضينا بالواقع، غير أن الأمور ستستفحل أكثر حين وجدنا أنفسنا مضطرين لمتابعة المباراة وقوفا، بعد أن صارت جموع المتفرجين، تفوق بكثير المقاعد وأعداد التذاكر التي بيعت. فمن جاء ذلك الفائض من المتفرجين الذين لم تكن لهم تذاكر؟

لقد عاينت كيف أن هناك حراس أمن، وبالزي الرسمي، ييسرون للبعض الولوج بدون التوفر على تذاكر. يمكن الرجوع إلى الكاميرات، وسيلاحظ، على سبيل المثال لا الحصر، كيف أتى رجل أمن بثلاثة أفراد من " المكانة " وصاحبهم إلى المنطقة 3 من المنصة وأمر أحد المنظمين، شخص مدني، يضع على كتفه شريطا أصفر، فأمره بفتح الباب المؤدي إلى المدرجات. لاحظت أنه تردد، في البداية، قبل أن يستجيب.

لقد كنت صحبة أقارب وأصدقاء، منهم من حضر من طنجة وفاس ومراكش والرباط بل هناك صديق حضر من أمريكا. وكنا نتوق جميعا إلى أن نعيش عرسا كرويا يليق بسمعة المغرب، غير أن خيبتنا كانت كبيرة وكبيرة جدا. لقد كانت للعديدين من الحاضرين ردود فعل ساخطة على سوء التنظيم، بلغت إلى حد قذف رئيس الجامعة بالقارورات حين كان يعطي استجوابا لإحدى القنوات الوطنية.

ودائما، ومن علامات السوء الكبير في التنظيم، ما شهدته رقعة الملعب بعد أن صفر الحكم إعلانا على نهاية المباراة. وهنا أشيد مرة أخرى بالسلطات الأمنية حين بادرت إلى إقامة سلسلة من القوات الأمنية المتنوعة والمجهزة حول الملعب مستهدفة منع الجماهير المنفعلة من اكتساع المستطيل الأخضر، وقد نجحت في ذلك. لكن الخلل جاء من المنصة الشرفية، حيث نزل العديد من الرسميين والضيوف والمتطفلين، بصحبة أطفالهم وأصدقائهم، إضافة إلى الكثير من ممثلي مواقع إلكترونية التي كانت توجد على الأرضية، فاختلط الحابل والنابل. وانطلقت عملية ابتزاز اللاعبين المغاربة في قمصانهم وجواربهم وسرويلهم وو، هناك من اللاعبين من خرج بعد أن صار لا يستره سوى تبان !!!!!!!!! إنها فضيحة بجلاجل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

بعد نهاية، المباراة، ظلت الجماهير بالمدرجات، تتطلع إلى تحية اللاعبين حين يقومون بدورة شرفية، كما هو معتاد في كل أرجاء الدنيا، لكن الأمل خاب، وراحوا يشفقون من الحالة التي وجد فيها اللاعبون أنفسهم، بعد أن حوصروا من كتائب الغرباء الذين أحاطوا بهم من كل جانب.

لا بد من العمل على إحداث ثورة كبرى في مجال التنظيم. لا بد من التقليل من كثرة المتدخلين، فذلك، يقود إلى تمييع المسؤولية وتحميل كل طرف، مسؤولية أي إخفاق للطرف الآخر, كانت خيبة كبرى، ويبقى عزاؤنا الوحيد هو الفرحة بالنصر، نصر نريده أن يمتد إلى كل الجوانب المرتبطة بتسيير وتنظيم شؤون الكرة الوطنية بل ويعم كل أركان تدبير الشأن العام بالوطن الحبيب.