adsense

2022/06/27 - 12:40 ص

بقلم عبد الحي الرايس

وفي الخطاب المُتداوَل: « لَفْياق بَكْري بالذهب مَشْري"

هي منظومة في الحياة، ولَهَا نسَقٌ وتداعيات، فلِكَيْ نستيقظ مُبكرين يُنصَحُ بالتعَوُّدِ على النوم غير مُتأخرين، وفي ذلك فوائدُ شتَّى:

فالإخلادُ إلى النوم قبل مُنتصف الليل عادة حميدة تساعد على التوازن الصحي، وتُمكِّن من الاستيقاظ المُبكِّر المُسْعِفِ في استهلال اليوم بتمارينَ رياضية، وإفطارٍ يُزوِّدُ الجسم بطاقةٍ حيوية، وقدرةٍ على التفكير والإبداع والتخطيط، والالتحاق بالعمل دون تأخير .

وإذا قُوبِلَ ذلك بالسهر إلى وقتٍ مُتأخر، فما يترتب عنه تثاقلٌ في الصَّحْو، وعَجَلةٌ في الالتحاق بالعمل ومُباشرةِ أنشطة اليوم في ارتباكٍ يُضِيعُ فُرَصَ التروِّي والتركيز.

وحالُ المُقبلين على السفر الذين يأوون مُبكِّرين إلى الفراش، وينطلقون إلى وجهتهم في الهزيع الأخير من الليل، فإذا طلع النهار وصلوا إلى حيث يقصدون، يُؤكِّدُ مُتعة ترديد المثل السائر: «عند الصباح يَحْمَدُ القوْمُ السُّرَى"

ومثل ذلك ينطبق على المتعلم في تحصيله الدراسي، واستعداده للامتحان الإشهادي، والمُبدع في استفادته من سكون الفجر واغتنامه لحظة هدوء الكون في اقتناص لحظة التأمل والقراءة، وإشراقة الإلهام، وتدفق الأفكار، وانسيابية الكتابة.

والأمرُ ينسحبُ كذلك على الصانع والمُزارع والتاجر والموظف والعامل، فكلٌّ يُجوِّدُ إنتاجه ويرفع مردوديته بالتبكير.

وكَمْ هو سَهْلٌ عقدُ المفارقة بين عطاءِ ومردوديةِ المُبكِّرين المُسارعين إلى العمل بِهِمَّة لا تُغلَب، وعزيمة لا تُقهر، وبين نُوام الضحى الذين يُقبلون مُتثاقلين على اللحاق برَكْب الحياة، وقد أضاعوا فرصة أخذ الأهبة والالتحاق بأنشطة اليوم في إطارها وموعدها، فروَّعُوا النفس، وبلبلوا الخاطر، وخسِرُوا الكسْب.

وَكم هو مُجْمِلٌ وَمُعَبِّرٌ قولُ الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم: "بُورك لأمتي في بُكُورِها".

وصفوة القول أن خير المجتمعات ما انتظمت عند أُسَرِهِ وأفرادِه مواعيدُ الإخلاد إلى النوم، والتبكير في الاستيقاظ، فانتفى الصخبُ واختفى إزعاجُ الجيران، وساد لديه التبكير في الاستيقاظ، فتدفقت المَلَكات، وتريَّضت الأجساد، وانتظمت الحياة، وأقبل كلٌّ على الإسهام بنشاط في مُعترَك الحياة، وفعَاليةٍ في تحريك عجلة النماء.