adsense

2021/02/09 - 2:40 م


بقلم الأستاذ عبد الغني فرحتي

زأر الأسود وظفر المغرب بالكأس الإفريقية ليلة الأحد الفائت. كانت مناسبة مواتية وفريدة كي تغمر مشاعر الفرحة والفخر نفوس كل المغاربة، خاصة والزمن زمن كورونا الذي شحت فيه المسرات وطغت فيه أخبار النعي وآلام الفراق وتداعيات الوباء القاسية.

 زأر الأسود وأدمعت عيوننا فرحا وزهوا ونحن نتابع مراسيم التتويج بالكأس. كانت لحظات دافئة سعيدة عشنها قبل أن نخلد للنوم بل وامتدت تلك الإحساسات الجميلة لتؤثث أحلامنا تلك الليلة وتبعد عنا كل الكوابيس التي استبدت بنا منذ أن حل بيننا هذا الزائر الثقيل، الوباء اللعين.

 للأسف، هذه الفرحة المستحقة سرعان ما تبخرت، سرعان ما أفلت شمسها لتترك المجال مفتوحا لتلبد غيوم الشؤم والحزن. صبيحة اليوم الموالي، ستصدمنا الأخبار الحزينة القادمة من مدينة البوغاز حيث كان الموعد مع سيول اكتسحت قبوا يحتضن معملا للألبسة. كانت الحصيلة كارثية جد مؤلمة ـــ رحم الله تعالى الموتى وألهم ذويهم الصبر والسلوان ــ وأشارت القصاصات الإخبارية إلى مبادرة السلطات العمومية إلى فتح تحقيق حول ملابسات هذا الحادث الأليم الذي تم في  " ذلك المعمل السري". 

قيل " معمل سري "، بمعنى أن أعين السلطة التي لا تنام، لم يسبق لها أن رمقته ولا رمقت عشرات العاملات اللواتي يقصدنه يوميا. أليس هذا ضحك على الذقون؟ لماذا نريد إخفاء الشمس بالغربال؟ ألا توجد، عبر ربوع الوطن، الآلاف من مثل هذه المعامل وهذه الورشات التي يتكدس فيها العمال والعاملات، يشتغلون في ظروف لا إنسانية تنعدم فيها كل شروط السلامة؟ ألا يستأثر القطاع غير المهيكل بما يناهز الثلث من الناتج الداخلي الخام؟ ألا يتم استغلال هذا القطاع للقيام بأدوار، في إطار نظام المناولة، توكل إليه من طرف الشركات الكبرى سعيا وراء أرباح أكثر؟

  تذكرنا فاجعة طنجة الأليمة بكوارث عديدة، (يبقى من أبرزها حادث ليساسفة بمصنع للأفرشة والذي نجمت عنه خمسة وخمسين وفاة سنة 2008) وفي كل مرة، يعلن عن فتح التحقيق في الموضوع. لكن تظل دار لقمان على حالها وعداد الضحايا يعود للاشتغال كل مرة. وتبقى التوصيات المطالبة بإصلاح القطاع غير المهيكل وضمان ظروف العمل السليمة مجرد شعارات للاستهلاك الإعلامي والموسمي.

 فرحنا بزئير الأسود لكنها فرحة لم تدم إلا سويعات قليلة، فرحة سرعان ما اغتيلت بتلقي ذلك الخبر المشؤوم.   

 فمتى تتاح لنا مساحة أكبر للفرحة أكثر؟