adsense

2021/02/23 - 1:50 م

بقلم عبد الحي الرايس

لِلْمُتحفِّزين للوليمة، المُراهنين على الفوز بالغنيمة، اتقوا الله في هذا الوطن، واصدُقوه في القول والعمل، كُفُّوا ألسنتكم عن التمويه، وأطماعكم عن اقتناص الريع، واذكروا أن المسؤولية أمانة، وهي عند الحساب مذلة وندامة، وهي لا تدوم، فلكل من الناس قَدَرٌ محتوم، وخير الناس من تشبع بالقيم، واستخلص من التجارب حصافة الرأي، وسديدَ الْحِكَم.

بالأمس تأججت في الآباء والأجداد جذوة الوطن، فألهمت الزهد في المال، والتضحية بالأرواح في سبيل الحرية والانعتاق، وأسلموا المشعل للأبناء، فلتكن المراهنة على الزهد في الذات، وصناعة الأمجاد.

وفي أوطان أخرى أَلِمَ الناس لما كان عليه الحال من فقر وخصاص، وتخلف وضياع، فعولوا على الإنسان، وراهنوا عليه مصدر الإعجاز، عماد النماء، فكان لكل بلد طامح ما أراد.

فهذه سنغافورة بكى رئيسها في البدء من تخلفٍ ويبابٍ وإمْلاق، وهي اليوم مدينةٌ في حديقة، يقصدُها ملايين السياح، ينعم أهلها بالعلم والرخاء وينافس اقتصادها طليعة البلدان.

وتلك الصين إلى عقودٍ قريبةٍ كانت كأيها البلدان، اعتمدت لغتها لا لغةَ غيرها وراهنتْ على الإنسان فيها فجاءتْ عطاءاتها تَتْرَى: تقدماً في العلم والبحث والاختراع، وعبقريةً في الصناعة والإنتاج، تغزو أسواق البلدان والقارات، وازدهاراً في الاقتصاد، واستقلاليةً في العملة والقرار، وتنازعاً للسيادة والريادة مع أقوى البلدان، وفي وقتٍ تحسُبُ فيه بعضُ البلدان ألفَ حساب لجسر معدودِ الكيلومترات، تُعلنُ الصينُ عن الوصل بين مدينتيْن بجسر يمتد على أزيدَ من خمسين من الكيلومترات، وتُنافسُ غيرها في الوصول إلى علاج لِعَصِيِّ الأدْوَاء، وفي إنتاج لقاحٍ يُنقذ البشريةَ من شَرِّ الآفات.

وعَوْدَةٌ للمراهنين على الريع والغنيمة، الباحثين عن أصحاب المال والجاه والعشيرة، أُوبُوا إلى ضمائركم، وراقبوا الله في أوطانكم، والتمِسُوا التغيير والتدارك في طليعةِ المستنيرين بالعلم، المتطلعين إلى الإصلاح، فعسى أن يتبدل الحال من مُراوَحَة الخُطى إلى انطلاقةٍ تَجِدُّ ولا تتوانى، وعزمٍ يشتدُّ ويقْوَى، ولا يخُورُ ولا يَبْلَى.