adsense

2021/02/24 - 8:04 م


 بقلم  عبد الغني  فرحتي

" كول أوكل "، شعار انطلقت بعض الجهات والأصوات ترفعه هذه الأيام بمدينة فاس استعدادا للاستحقاقات القادمة، بل وصارت تتغنى به وتفتخر بكونها هي البديل المنتظر للساهرين عن الشأن الجماعي في الوقت الحاضر. ليس هناك انشغال بتحليل ملموس للواقع الملموس ولا حرص، مسلحين بفكر نظري واسع وبما راكموه من تجارب، على التفكير واقتراح برامج واقعية ومهيكلة، يتم من خلالها تجاوز إخفاقات الحاضر  " وجعل مصالح الوطن والمواطنين تسمو فوق أي اعتبار، حقيقة ملموسة وليس مجرد شعارات" (من خطاب العرش لسنة 2019).

فأين نحن من بلوغ مستوى أرقى من تخليق الحياة السياسية؟ كيف تصمت زعامات وقيادات وبرلمانيون طيلة فترة ولايتهم بل منهم من اختار المنفى الطوعي خارج الوطن مكرسا جهوده لإنجاح استثماراته في بلاد المهجر بأموال متراكمة تثير الشبهات وتستدعي السؤال "من أين لك هذا؟

   الغريب أن مثل هؤلاء، في خطاباتهم وفي استجواباتهم من طرف مواقع قد تكون مأجورة، يتوخون اكتساب بعضا من المصداقية على أنقاض الأخرين،  فلا تسمع سوى الطعن في الخصوم واتهامهم على كونهم لم يواصلوا ما بدأوه هم والخوض في عموميات واستهلاك لغة الخشب .

  تذكرنا مثل هذه السلوكات، نحن ساكنة فاس، بشخصية سياسية مرت من هنا، شخصية اعتادت الترشح بفاس الجديد. كان لا يسجل لها بعض الحضور إلا خلال الاسنحقاقت الانتخابية. كان قد حان موعد انتخابي، واعتلى هذا المرشح منصة أقيمت بوسط الحي، فخاطب الحاضرين في تجمعه الانتخابي بما معناه : " بصراحة، منحتموني أصواتكم في الانتخابات الماضية وفزت بالمقعد، اعترف أنكم، منذئذ، لم تروا وجهي. أنا " ما نسواش، تفو علي، تفو علي، أنا ما نسواش. لكن أعدكم هذه المرة، إن فزت، فسأقوم بالواجب".

   كنا نظن أن مثل هذه الكائنات الانتخابية قد انقرضت، لكن هيهات هيهات. وإذا كنا نهمس في أذن هؤلاء، " إذا لم تستحي، فاصنع ماشئت"، وإذا كنا ندعوهم إلى الاتعاظ بما ضمه خطاب العرش لسنة 2017: " كفى، واتقوا الله في وطنكم"، فإنه يبقى، وكما جاء في نفس الخطاب: " من واجب المواطن أن يتحمل مسؤوليته في اختيار من سيتولى غدا تسيير شؤونه".

  " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين"، فكيف يمكن تصور قابلية المواطن الحر لأن يلدغ مرات عديدة ومن نفس الجحر؟. 

   ماذا يريد البعض من التقدم للاستحقاقات القادمة بعد الغياب الطويل؟ الثروات وقد راكموها، المناصب والمقاعد وقد خبروها؟ ماذا يريدون أكثر؟

  لنقف مرة أخرى عند مقتطف من الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 62 لثورة الملك والشعب: " إن التصويت لا ينبغي أن يكون لفائدة المرشح الذي يكثر من الكلام، ويرفع صوته أكثر من الآخرين، بشعارات فارغة، أو لمن يقدم بعض الدراهم، خلال الفترات الانتخابية، ويبيع الوعود الكاذبة للمواطنين".

   "فعليكم أن تحكموا ضمائركم وأن تحسنوا الاختيار. لأنه لن يكون من حقكم غدا، أن تشتكوا من سوء التدبير، أو من ضعف الخدمات التي تقدم لكم".

   من الواضح أن المستهدف من الكلام في هذا المقتطف من الخطاب الملكي هو المواطن، المواطن الذي عليه أن يتحمل مسؤوليته وأن يبادر إلى قطع الطريق عمن راحوا هذه الأيام وبلا خجل يروجون لهذا الشعار المقيت " كل أوكل".

  الحاضرة الإدريسية تستحق كفاءات صادقة ومتمرسة يمكن أن تسير بها نحول الأفضل، نحو استرجاع إشعاعها الذي خفت بفعل ضعف حكامة القائمين على الشأن الجماعي بها على امتداد عقود من الزمن. 

  نذكر في الأخير المواطن بالحديث الشريف " لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين". كما نذكر هذه الكائنات الحاضرة الغائبة بالقول الملكي السامي " كفى، اتقوا الله في وطنكم".