adsense

2015/07/16 - 2:35 م


سعيد شبري

وصلات إشهارية تبثها القنوات العمومية بدعم من المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر يفهم منها أن المواطن وحده المسئول عن تدمير المجال الأخضر.
أمام امتداد العمران، لا يبقى للغابة أي قيمة، و حين تغزوها الجرافات ،يغدو التوازن الطبيعي مجرد شعار للاستهلاك المناسباتي، وهذا بالفعل ما وقع في مدينة فاس، فحتى النسيج الجمعوي أصابه الخرس ولم ينبس ببنت شفة حين اجتثت غابة وادي فاس عن بكرة أبيها من الوجود.
إلى عهد قريب كانت هنا شاهدة على ثراء المدينة الطبيعي، تمد أطرافها شمال الوادي، تتغذى منه وتمنحه مبرر الوجود، قال فيه محمد غريط :
وادٍ جرَى وسْطَ البسيط مُسلسَلاً *** يروي غليلَ الوجْدِ والأشواق
وادٍ له لونُ اللُّجينِ ونَفْحةُ الْـ *** ـعطرِ النَّفيس وخفَّةُ التِّرْياق
 تبخرت الغابة، و ضاع الوادي وسط نفايات سامة تقذفها المدابغ ومعاصر الزيوت، فبعدما كان محطة للطيور المهاجرة، والنادرة، ومنتجعا للاستجمام واللعب والسباحة وممارسة الرياضة أصبح مجرد ذكرى .
تمتد على أكثر من عشرين هكتارا، دمر الجزء منها بحجة إنشاء بحر فاس، ابتهج الفاسيون خصوصا وان المدينة محاصرة بالاسمنت و لا تتوفر على مجالات خضراء، ولا فضاءات للترفيه و اللعب، لكن البحر تحول إلى بقع أرضية، وجزء منه لحسن الحظ  أصبح ملعبا  للكولف، حافظ على مجال اخضر لابأس به، لكنه لا يمنح خدمات المتعة لقاعدة كبرى من المجتمع الفاسي.
 راهن المسؤولون على تدبير الشأن المحلي على المستثمرين لخلق دينامية داخل المجال الذي خصص حسب يافطة الإشهار المعلقة هناك، لكن لا احد من أصحاب رؤوس الأموال بادر إلى ضخ سيولته لتحريك عجلة المنتجع وهذا راجع لطبيعة المستثمرين المغاربة الذين لا يحبدون المغامرة، ويفضلون الاستثمار في المضمون وهو العقار.

الجزء الثاني من اجتثاث الغابة بدأ قبل أشهر قليلة من كتابة هذا المقال، بعدما  تمت الموافقة بالأغلبية خلال دورة يوليوز الخاصة بالمجلس الجماعي للمدينة، التي عقدت يوم الخميس 2014/07/31، ومرة ثانية بحجة إنشاء بحر تستفيد منه كل ساكنة فاس بدون استثناء.
 اقتلعت الغابة، وسيجت بحاملات إشهار فارغة، ولا زال الفاسيون يترقبون إن يفي عمدة المدينة بوعده، خصوصا في ظل اقتراب الانتخابات الجماعية، و عدم ضمان الحزب المسير للمدينة العودة الى التدبير المريح الذي توفر له خلال هذه الولاية.
للمرة الثانية تراهن الجماعة على المستثمرين، فهل سينجح رهانها هذه المرة أم أن يد العقار ستمتد لتقضي على ما تبقى من الحلم؟ وإذا ما نجح الرهان هل سيكون بحر فاس في متناول الجميع؟ كما جاء في تصريح العمدة أم إن المسالة تغدو مجرد لغو انتخابي، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ميل المستثمر الحثيث إلى الربح المادي السريع.
سكان العاصمة العلمية الآن ينتظرون ما ستفضي به الأيام المقبلة، و قلقهم يزيد كلما اقترب موعد الانتخابات الجماعية، يترقبون و يدهم على قلبهم أن يخيب أملهم، و أعينهم مرة على وادي الجواهر، ومرة ثانية على ما تبقى من التراث الطبيعي للمدينة، غابة عين الشقف، الجوهرة الخضراء كما يسميها الفاسيون، خوفا أن يتسلل إليها الرمل والاسمنت