adsense

2020/03/04 - 8:57 م

بقلم الأستاذ حميد طولست
من بين الخصال المعيبة والأخلاق الذميمة والسلوكات الشائنة المشينة، التي أضحت مألوفة بين العرب والمسلمين عامة، وتحولت إلى طبائع يتحلى بها الكثير من المغاربة بكل درجاتهم الاجتماعية ومراكزهم السياسية، خصلة الشماتة المنافية لمبدأ الأخوة الإنسانية التي تقتضي مشاركة الإنسان أخاه في آلامه وآماله ، التي ليست خلقا إنسانيا ولا دينيا ولا تمثل شهامة ولا مروءة ، والتي هي مجرد مبدأ من مبادئ تعامل أعضاء الجماعات الإسلاموية مع معارضي تنظيماتهم ، وخصلة من خصال ذوي النفوس غير السوية ، والقلوب القاسية الخالية من العطف والرحمة والمودة وحب الخير ، والمنافية للأخلاق الإسلامية الفاضلة وقيمه الرائعة ومبادئه السامية ومثله الحية، والمعاندة لسيرة نبيه صلى الله عليه وسلم الذي لم يشمت في أحد ولم يفرح بمصائب الآخرين مسلمين كانوا أو غير مسلمين،  بدليل أنه قام صلى الله عليه وسلم لجنازة ، ولما قيل له : إنها ليهودى قال :"أليست نفسا"؟ وقوله صلى الله عليه وسلم : "لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك" .
موجب هذه المقدمة هو ما وجدته في متابعات "الفيسبوكيين" لفيرويس "كورونا" وما شاب وطغى على موضوعه من مغالطات لاعلمية مؤسسة على الفكر الخرافي والتفسيرات الشعبوية وثقافة المؤامرة التي حوتها العديد من التحليلات والمقالات والتغريدات والتعليقات المنشورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، والتي تنضح غالبيتها بالشماتة والتشفي وتزخر بالتباهي بإظهار الفرح والسرور بمعاناة الشعب الصيني مع كورونا -الذي ليس إلا مرض من بين العديد من الامراض التي تصيب البشر مند القدم وتحير الأطباء في تشخيصها وعلاجها - السلوك الهجين الذي أشعرني ،، مع الأسف، بالأسى والشفقة على ما وصل اليه حال بعضنا من الكراهية التي لا تجيز الفرح والابتهاج بمصائب الأغيار فقط ،على اعتبار أنها عقاب إلاهي ، بل والذي وصل بهم منطق اللانساني الكاره لكل العالم ، إلى ترهيب وتكفير كل من لا يجاريهم في تشفيهم شماتتهم بنوائب الآخرين ، ويرفضه ، كتصرف لاإنساني مخالف لأخلاق الدين الإسلامي السامية ، التي يحث على الرحمة الله التي اختص عز وجل نفسه بها ، وتوصى المسلمين بالتحلي بها تجاه جميع مخلوقاته جميعها ، وعلى رأسها الإنسان الذي كرمه الله سبحانه وتعالى ، وجعل رسوله الكريم حبه من علامات الإيمان ، بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ" ، الأخوة هنا عامة وغير مقتصرة على ما ولدته أمهاتنا ، وتشمل كافة الناس لوحدة أصلهم البشري ، بدليل قوله تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين " وقوله تعالى :"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة" ، سورة المؤمنون الآية 12 ، الدليل الذي جعل البشر جميعهم إخوة في الإنسانية التي حث الإسلام عليها وحرم التفرقة والتمييز بين الناس ، بسبب الولاءات القبلية والطائفية او القومية الشوفونية ، التي يكرسها التعصب الديني الأعمى ، الذي يستغله أصحاب النفوس المريضة والعقول الملوثة  -من الذين يسمون أنفسهم أسلاميين زورا وبهتانا - في ضرب مبدأ التعارف والتعايش ، وحفر فجاج التفرقة بين الشعوب والأمم ، بالغلو في التحزب للمجماعات التي ينتمون إليها،  والمبالغة في التحيز لها ، المقترن بالتعامل بما يحط من شأن الجماعات الأخرى غير المسلمة والتحامل عليها ؛ الخلق الهجين الذي لا أحد ، أياً كان ، ينكر عمق وشمولية خطورته على العلاقات بين الشعوب والقبائل التي اراد الله لها أن تتعارف لتتعايش ، كما جاء في قوله عز وجل: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنتى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" الحجرات 13 ، التي لخصت معيار التفاضل بينهم في التقوى والعمل الصالح وبناء جسور التآخي والمحبة ..
وأختم مقالتي بما كان يتعوذ به رسول الله صلى الله عليه من الشماتة التي ليست من صفات المسلم الملتزم بالأخلاق الإسلامية : «تعوذوا بالله من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء».