adsense

2019/09/04 - 1:07 م


بقلم عبد الحي الرايس

فهي مَصْدرُ الشعور بالكرامة، والنبلِ والشهامة، وإذا وُفِّقتُم في ذلك فاطمئنوا ـ عند صغاركم ـ إلى السلوك القويم، ولو غبتُم عنهم وغاب الرقيب.
في الأثر: ابنةٌ في عهد عمرَ بنِ الخطاب همَّتْ أمُّها بإضافة ماءٍ إلى لبن، سألتها ألا تفعل، فتعللت الأم بغيابِ الرقيبِ عمر، ردتِ البنتُ قائلة: ولكن الله يرانا، فبُهِتَتِ الأمُّ، ورَنَّ ذلك في أذن عمر، فكان له وقعٌ وأثر.
وفي مجتمعٍ تطغى عليه الانفلاتات، وتحيُّنُ الفرص لمراكمة المكتسبات يُسَجَّلُ من نبيل الحالات:
ـ طفلةٌ  في الثانيةَ عشْرةَ،  تُهَرْولُ من مجموعتها راكضةً نحو لُفافةِ نقودٍ وقعتْ من صاحبها، تلتقطها لِتُعيدها إليه قبل أن يرْكبَ عربتَه.
ـ وفتيةٌ صغار عثروا على مبلغٍ غيرِ يسيرٍ من المال أبَوْا إلا أن يبحثوا عن صاحبه ويردوه إليه، فكان لهم ما أرادوا، وبالعزة وسُمُوِّ النفسِ فازُوا.
ـ وآخرون وجدوا حقيبة وقعت من صاحبتها عند باب السيارة، فمكثوا منتظرين، ولها عند عودتها مُرْجِعين.
ـ سكانُ قريةٍ تنقلبُ شاحنةٌ مُحَمَّلَةٌ بالبضائع على مقربة منهم، فيهبون مسرعين، للبضائع مُجَمِّعين، وعليها ساهرين، إلى أن أعادوها إلى أصحابها بأمانتهم معتزين.
ـ وحين يسودُ مجتمعُ الأمانة تجدُ صاحبَ المتجر والضيعة يغيب مخلفاً المحصول أو البضاعة، والميزانَ ولائحة الأثمان، وصندوقاً تُودَعُ به المبالغُ في أمان.
ـ قد يُقالُ: إن هذا يَحدُثُ في بلدنا استثناءً، وعند غيرنا اطراداً.
ولكن بذور الخير ينبغي أن تُنثَر، وما أخْصبَها حين تصدُرُ عن الكبار عفواً، وتاتي ردود فعلهم قصداً، فتعْلقُ بذاكرةِ الصغار، وتنْغرسُ في البال والوجدان، فتُلْهِمُ خير السلوك والأفعال.
ـ في بلدٍ اشتهر شعبه بنبيل الصفات والأفعال، ما أن لُوحظتْ فيه بعضُ الانفلاتات، حتى سارع مربوه إلى رفع درجة الاهتمام بدرس الأخلاق، لتثبيت حميد الممارسات.
قد يقال:  إن هذا خطابٌ لفئة لم تَعُدْ موجودة، فياتي الرد بأن بذور الخير في الصدور مبْثوثة، يكفي ريُّها بصادق الخطاب، ورائع المثال، لتصيرَ مُعْلَنَة مَلْمُوسَة.