adsense

/www.alqalamlhor.com

2024/03/26 - 3:28 م

بقلم الطالب الباحث: مصطفى جبور

مما لا شكّ فيه أن رمضان يُعتبر من الشهور المُقدّسة عند الله وعند كافة المسلمين، فهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن الكريم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار كما أخبر بذلك عليه الصلاة والسلام. ومن الملاحظ أن أغلب فئات المجتمع تلتزم بفعل الخيرات والالتزام بالطاعات خلال هذا الشهر الكريم، حيث تشهد  صلاة التراويح إقبالا كبيرا، فيتجه الناس بعد الإفطار إلى المساجد مفعمين بروح الإيمان رجلا ونساء شبابا وشيبا، كما يُساعدون الفقراء والمحتاجين، فتسود نسمات التسامح، وبوادر الخير و بشائر التعاون والأخوة والمحبة والتضامن. لكن سرعان ما يحلّ يوم العيد، وتعود الأيام إلى مسراها و المياه إلى مجراها ، فتفرغ المساجد، فلا تجد بعد ذلك سوى ثلة من الشيوخ القلائل. كما تتراجع فضائل القيم و أواصر التعاون، و تسود حينئذ عادات قديمة ورذائل عديدة، فتنتشر كانتشار النار في الهشيم... إضافة إلى كل هذا، ففي هذا الشهر الكريم ترتفع نفقات الأسر في إعداد ما لذ وطاب من المأكولات و الأطباق الفاخرة، فتتعرض للتبذير والضياع، مقارنة بباقي أشهر السنة. و تشير العديد من الدراسات والأبحاث، لا للحصر مثلا، الدراسة التي قامت بها المندوبية السامية للتخطيط حول سلوكيات الاستهلاك خلال شهر رمضان، حيث أظهرت ارتفاع نفقات الأسر المغربية خلال هذا الشهر الفضيل بنسبة 28% مقارنة بباقي أشهر السنة. كما يظهر جليا ارتفاع نسبة الهدر الغذائي، حيث تُرمى كميات كبيرة من الطعام في القمامة. علاوة على ذلك، فقد بيّنت دراسة أجرتها إحدى الجامعات المغربية أن استهلاك المغاربة للطاقة (الإنارة، الغاز، الماء) يرتفع بنسبة 10% خلال شهر رمضان بالمقارنة مع باقي أشهر السنة. وعليه فإن شهر رمضان ليس سوى شهراً للتباهي بالمأكولات والعبادات و عرضها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، و الاستغراق في مشاهدة المسلسلات والمحتويات التافهة... و لا يدل هذا على أن شهر رمضان يعكس صور العبادة والتقرب من الله أكثر، بل يظهر أنه مجرد اندفاع اجتماعي نحو الاستهلاك المفرط للمواد الغذائية والإنتاجات الإعلامية على حد سواء، مما يستدعي ضرورة وعي الأفراد والمجتمع بأمور دينهم وإعادة النظر في تفعيل دور السلطة الرابعة (الإعلام) والمؤسسات الاجتماعية في توعية الناس عبر البرامج والحملات من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه.