adsense

2020/09/02 - 12:56 م


 ابراهيم فارح

عانت مدينة فاس ولا زالت تعاني من مشكل مواقف السيارات، في ظل غياب التنظيم والإدارة الفعالة، في كل يوم يتكرر على ناظرينا ذلك المشهد غير الحضاري لا سيما بالقرب من الإدارات الخاصة والعمومية، والمدارس، والمصحات، ومراكز التسوق، وقوف خاطئ وعشوائي، وتعطيل لحركة السير، وإغلاق لبعض الطرق، ما جعل المشكلة تتفاقم وتزداد سوءا، وقد تكون سببا من أسباب العنف في أكثر من مرة، وغالبا تكون القشة التي تكسر ظهر البعير، في مدينة طرقها اصلا ضيقة وغير منظمة.

 ففي كل مكان زقاقا كان أو شارعا خلفيا هناك حارس، يكفيه أن يرتدي صدرية صفراء فاقع لونها، يقودك إلى مكان ركن سيارتك، وقد لا يظهر إلا وقت المغادرة حيث يطالبك بدفع الواجب.

ورغم الوضع الكارثي في مدينة فاس، إلا أن الحلول تظل ممكنة، إذا توفرت الإرادة والنزاهة والشفافية والإدارة الفاعلة، في معظم دول العالم هناك إشكالية مواقف السيارات، لكن هناك تجارب عالمية ناجحة فبعض الدول اتجهت نحو التدبير المفوض، وأنشئت شركات تخصصت في إدارة المواقف وتشغيلها.

وهذا الحل هو الذي بادرت إليه جماعة فاس، غير أنه يبدو أن العمدة وأعضاء مجلسه، ربما لجأوا لهذا الحل هروبا من المشكل، لا رغبة في حل جذري ودائم، بعد أن فشلوا في وضع حد للفوضى السائدة بمواقف السيارات بالمدينة، حيث ظلت ترزح منذ بضع سنوات تحت رحمة تدبير عشوائي.

 لأنه كان لابد من الإجابة على كثير من الأسئلة قبل الإنغماس في وحل التدبير المفوض، الذي عانت من تبعاته الكثير من مدن المملكة، فهل يعرف عمدة المدينة من يحكم أرصفة فاس ومواقفها؟ هل لديه دراية  بعدد المواقف وأنواعها وكيف تم الاستيلاء عليها؟ وهل هذه المواقف خاضعة لنظام الكراء لشركات أو أشخاص؟ وهل تدر هذه المواقف مالا في خزينة الجماعة أم ماهي إلا رخص للريع والامتيازات وشراء الذمم الانتخابية؟ ومن يمنح هذه الرخص ولمن ولأي سبب ومن يستفيد منها في آخر المطاف؟

إن  الأجوبة على هذه الأسئلة كفيلة بأن تميط اللثام عن قطاع يضرب عليه المنتفعون وعصبتهم  هالة من الغموض، تحجب عائدات سنوية تقدر بملايين الدراهم تصب في جيوب المافيات، وتحرم خزينة المدينة من مقدرات هي في أمس الحاجة إليها.

 وفي رسالة استفسار وتظلم وجهها مجموعة من شركات مواقف السيارات والدراجات، إلى رئيس المجلس الجماعي بفاس، نستشف من خلالها وكأن تفويت صفقة مواقف السيارات لشركة إيطالية فرنسية تم بالتراضي، حيث يتهم أرباب الشركات السالفة الذكر العمدة بإخفاء كثير من الامتيازات  لم تكن مدرجة في دفتر التحملات، لترسو الصفقة على الشركة الأجنبية بقيمة 6.000.000 درهم، ويرى  أصحاب شركات مواقف السيارات أن المجلس شرى الصفقة بثمن بخس، حتى أنهم مستعدون لدفع ضعف هذا المبلغ المقدر ب 12.000.000 درهم دون الاستفادة من تلك الإمتيازات التي منحت للشركة الأجنبية، وبذلك نعلم أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن القطاع بقرة حلوب حليبها وافر.

ويبدو أن العمدة  نسي أنه خلال دورة أكتوبر 2015، كان قد صرح بأن هذا الملف من الملفات ذات الأولية التي سينكب عليها المجلس على المدى القصير، ولكن ربما تظل الجزرة بعيدة عن فكي من يطاردها، ويظل عش الدجاجة التي تبيض ذهبا في مكان بعيد عن خزينة الجماعة.