adsense

2020/09/18 - 10:07 ص

بقلم عبد الحي الرايس

قال الشعبُ كلمتَه: العقابُ القاسي لِمُعذٍّب الطفل البريء ومغتصبه وقاتله .

وقال الحقُّ كلمتَه في تنزيله المُحكَم: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"

وأبى صاحبُ الرأي الآخر إلا أن يُعاود الظهور ليبُرر اتهامه الداعين إلى ذلك بالوحشية، معتبراً أن ما أقدم عليه الجاني وما يتكرر على أيدي أمثاله من المعتدين هو إدانة للمجتمع أوَّلاً واتهامٌ له بالتقصير في التربية والتخليق، ومن ثمَّ فالمحاكمة محاكمة للمجتمع، والإصلاح والتصحيح ينبغي أن ياتي من رحم المجتمع.

كلامٌ ظاهرُه تشخيصٌ دقيق، ومنطقٌ سليم، وباطنُه إقرارٌ للجريمة، وتعليقُ العقاب عليها أو تخفيفُه إلى حين إصلاح المجتمع، وانتفاء الظروف المسببة لها والباعثة عليها.

ولو تمَّتْ مسايرته لعم الفسادُ واستشْرى الداءُ وسادت الاستهانة بالعقاب

حكى مُتتبِّعٌ أن مُغتصبَ ثلاثة أطفال سبق أن حُكِمَ عليه بثلاثِ سنوات، مُتِّعَ بعفْوٍ وتقليصٍ لمدة العقاب، وما أن أُطلِقَ سراحُه حتى أقْدَم على معاودة نفس الفعل، وفي المحاولة الثانية تم ضبطُه واعتقاله، في أفق محاكمته وسَجْنِه من جديد.

وهو عيِّنَة لحالاتٍ كثيرة مُمَاثلة، بعضُها يُضبَط، وعديدٌ غيرُها يُطْمَسُ ولا يُعْلم، ويُخلِّف نُدُوباً لا يَلأمُها الزمَن.

ومع ذلك فالرَّأيُ لا يُصادَر، لأن المجتمعَ فعلاً بأمَسِّ الحاجةِ إلى إصلاحٍ واجتثاثٍ لبذورِ ودواعي الفساد

لكنْ ومُوازاةً لذلك ينْبغي رفعُ درجةِ إنزالِ العقاب على كلِّ مُعْتَدٍ على براءة الأطفال، ومُجْتَرِئٍ على إعدام حق الحياة، حتى يكون مثالا لغيره، وعِبرة لمن يعتبر.

وصفْوة القول أن الظاهرة ينبغي التصدي لها بمسؤوليةٍ وحزم، بإصلاح حال المجتمع أوَّلاً، وهو ما يتطلب الكثير، ويقتضي وقتاً غير يسير، وبإنزال العقاب المُسْتحَقّ على المُتجَاسِر على حُرمَةِ الآخرين، وحقِّهم في النمُوِّ الطبيعي، والحياة الكريمة الآمنة ثانياً، ولا أحَدَ منهما يُعَطِّلُ الآخر.