adsense

2020/09/03 - 9:16 م


 بقلم عبد الحي الرايس

يحَارُ الْمَرْءُ تُجاهَ ظاهرةٍ تتفاقم، لشبابٍ يُثيرونَ الْهَلَع، يَتهدَّدُون الحياةَ بمُفرْقعاتِ عاشورَاء، يُمارسُون العُدْوان بالأسلحة البيضاء، يَجترئون في البيوت على الآباء، ويَستهينون بالمعلمين في الأقسام .

ثم لا يلبثُ أن يَجِدَ تفسيرَها في نَبوءَةٍ توقعتْ انهيارَ الأمَّةِ بتغييب دَوْر الأمَّهات، والتقليل من شأن المعلمين، والتشكيكِ في دَوْرِ العُلماء، وأخرى حَذَّرَتْ من خلْق أجْيالٍ من الضِّباع بتغْييبِ دُرُوسِ السُّوسْيولوجيا والتنوير بالجامعة .

ولا يَعُودُ ثمَّة مجالٌ للمُداراةِ والمُغالطة، بعد الوقوف على تدنِّي مستوى التعليم، وانخفاضِ مُعدَّل الدَّخْل الفرْدي، وترْتيبِ البلد في أسفل سُلَّم التنمية.

وتَحُلُّ بالبلاد الجائحَة، فتسْتثيرُ رُوحَ التصدِّي والْمُغالَبَة، ومَهْما طال بها الأمَد، فستنْجلِي لا مَحَالة.

ولكن هل ستبعثُ على مواجهة الذات، وتشخيص العِلَلِ والأسْباب؟ أم سيتواصل السيْرُ بنفس الرُّؤى والتوجُّهات؟

لا يُنكِرُ أحدٌ ما تحققَ في البلادِ من إنجازات، وما سَطعَ بها من ومَضَاتٍ وإشْراقات، ولكنَّ غيْرَنا استخلص العبرة من زمان أنْ لا جَدْوَى من بناء البلاد في غيابِ بناءِ الإنْسان.

وقد كان السَّلفُ الصالح يَرْفعون أكُفَّهم بالدعاء: "اللهم وَسِّع الأخلاقَ والأرزاق"، فكانوا يسْتهلُّون ابتهالَهم بالأخلاق، لأنها عِمادُ المجتمع المُتحضِّرِ المُتماسِك، والراقي الكريم المتسامح، ثم يُرْدِفونها بالأرْزاق، لأنها عاملُ اكتفاءٍ واستقرار، واستغناءٍ عن الافتقار إلى الناس.

فإذا اقترنتِ الأخلاقُ بالأرزاق أشاعتِ الطمانينة، وأمَّنَتِ السلام.

ومن هنا فالمجتمع الناهض، يسهر على تعميم التعليم، وفي ثناياهُ تربية وتخليق، ويُعْنى في الآن ذاته بالتوزيع العادلِ للثروة، مما يُتيحُ فرصة الكسب الشريفِ  للجميع، وفي التشغيل مَصْدَرُ عيْشٍ وباعثٌ على حُسْنِ التنشئةِ والتقويم.

أَمَا وقدْ وقفْنَا على تَبِعَاتِ اللاَّمُبَالاة بمحاذير النبوءةِ والرؤيا، فهل لنا أن نتداركَ الأمر بتقويم ما اعْوَجّ، ورَأْبِ ما انْصَدع، والتخُّلصِ من كلِّ ما يُعَطِّلُ الْمَسير، ويُشكِّلُ حاجزاً أمام التقدُّم والنُّمُوِّ السَّرِيع.